قال الفقيه أبو اللَّيثِ السَّمَرقَندِيُّ رضي الله عنه: الحياء على وجهينِ: حياءٌ فيما بينك وبين النّاس، وحياءٌ فيما بينك وبين الله تعالى، أمّا الحياء الذي بينك وبين الناس أن تَغُضَّ بصَرك عمّا لا يَحِلُّ لك، وأمّا الحياءُ الذي بينك وبين الله تعالى أن تَعرِف نِعمته فتستحِي أن تَعصيه([1]).
اعلموا يا إِخواني المسلمين أنّ الحياء يَنقسِم إلى قسمين: الحياء الفِطرِيُّ والحياء الشَّرعِيُّ، أمّا الحياء الفطريُّ: فهو يَتولَّد مع الإنسان، أي: ما خَلَقه الله تعالى في كلِّ نفسٍ، وأمّا الحياء الشَّرعيُّ: فهو أن يَتفكَّر العبدُ فيما أعطاه الله من النِّعمِ والآلاءِ الدّينِيَّة والدُّنيَويَّة ويَتفكَّرَ في تقصيره وعدَم قيامه بالحقوق فيَندَم على ذلك ويَعمَل الصالحات ويَحترِز من المعاصي وإنّما حقيقة الحياء في اصطِلاحِ أهلِ الشَّرعِ: خُلُقٌ يَبعَث على تَرك القبيحِ ويَمنَع من التَّقصير في حَقِّ ذي الحقِّ([2]).
وقيل: إنّ الحياء خُلُقٌ رفيعٌ لا يكون إلاّ عند مَن عَزّ عُنصُرُه ونَبُل خُلُقه وكَرُم أصلُه، وعلى هذا مَدار الإسلام.