عنوان الكتاب: المحاضرات الإسلامية (الجزء الأول)

وتوجيهه: أنّ أفعالَ الإنسان إمّا أن يَستحيِي منها أم لا. فالأوّل: يَشْمَلُ الحرامَ والمكروهَ، وتَركُهما هو المشرُوع. والثّاني: يَشمَل الواجب والمندوب والمباح، وفِعلُها مَشروعٌ في الأوّلينِ، جائزٌ في الثالث، فعلى هذا يَتضمَّن الحديث: «إذا لم تَستَحيِ فَاصْنَع ما شئتَ» الأحكامَ الخمسةَ([1]).

واعلموا أنّ الحياء قد يكون فرضًا كالاستِحياءِ من الحرام وقد يكون مندوبًا كالاستحياء من المكروه التَّنـزيهِيِّ، وقد يكون مباحًا كالاستحياء من المباح.

أيّها المسلمون: إن البِيئة الْمُحيطَة بالإنسان تَلعَب دَورًا كبيرًا في نُشوء الحياء فالحياء يَتَرَعْرَع في كَنَف أصحابِ الحياء ويَنهَى عن الفحشاء والمنكَر وأمّا صُحبةُ عديمِ الحياء تَسلُب من القلب حلاوةَ الإيمان وطَهارةَ الأعمالِ وتَجعَل جَريئًا على المعاصي والذنوب، فإنّ فاقِدَ الحياء لا يُبالي بالفضيحة ويَتجرَّأُ على المعاصي ويَتعدَّى على حُدود الله ويَتدرَّج شيئًا فشيئًـا مـن سيِّءٍ إلـى أَسـوَأ ويَـهبِـط مـن رَذيـلٍ إلـى أَرذَل ويُـدمِــن عــلـى

 



 

([1]) ذكره الملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح"، كتاب الآداب، باب الرفق والحياء وحسن الخلق، ٨/٨٠٢.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

269