الأشعار، ولَصِقَتِ الدِّيدانُ بالأبدان، ومَصَّتِ الدَّمَ وأَكَلَتِ اللَّحْمَ، وصَارَ الماءُ الَّذي في الفمِ صَديدًا، والذي في العينينِ قيحًا، والذي في الأنفِ دَمًا، وسَقَطَتِ الْحَدَقَتانِ على الوجه، وفَرَقَتِ الكَتِفان من الذِّراعين، والرُّكبتان من الساقين، وَالسَّاقان من القدمين، والدُّودُ يَدخُل من الفمِ ويَخرُج من الْمَنخَرِ.
ثُمّ يَتفكَّر في نفسه كيف أنّه يصير إلى هذه الحالة ويكون في حال النـزعِ ويحضُر الأقارب وفي أثناءِ ذلك تُغْمَضُ العينانِ، ويُوضَع الرِّداءُ، وتَرتفِع الأصواتُ، ثُمّ يُدْعَى الغَسَّالُ فيَضَعه على السَّرير ويُغَسِّله، ويُكَفِّنه ثُمّ يَضَع الناس جَنازتَه على عواتقهم، ويُخرِجونه من بيته الذي قَضَى عُمره فيه، وبَذَلَ كلَّ جُهْدٍ في بنائه ويَذهَبون بجَنازته إلى الْمَقبرة.
ثُمّ يَهِيلون عليه التُّراب ويُدَفِّنونه، ويَنْصَرِفون عنه، ولا يَدخُل قبرَه معه غيرُه مع ضَيْقه ووَحشَته، ثُمّ يُخَوِّفُ نفسه أنّه يَتغيَّر لونُه ويَتمزَّق بَدَنُه وتأكُله الدِّيدان، وتَنتشِر العِظَام، ويَجيءُ مُنكَرٌ ونكيرٌ، ويَسألانه، ثُمّ يتفكّر فيما بعد القبر من حَشر ونَشر وصراطٍ وموقَف وانصِراف إلى الجنَّة أو إلى النَّار، فبالاستِحْضَارِ لهذه المعاني يَحصُل الفِكْرُ في ذكرِ الموت،