وقتِها، ويُمكِنُ أن نَفهَم ذلك بهذا المثال: لو استَقرَضَ أحدُكم من الآخَر ألفَ درهمٍ على أن يُوَفِّيه إلى الغد، فإِن أخَّره عنِ الدّائنِ بعد طَلَبه فلا يُمكنه خلاص نفسِهِ منه، إلاّ أن يَستحِلّه أو يُؤَدِّي حقّه ويَطلُبه العفوَ من تأخِيرِ حقّه عنه.
أيّها الأحبّة مَن استَقْرَضَ من الآخَر، ولم يَقدِرْ على أَداءِ دينه بعد طَلَبه فإن كان عنده متاعٌ فيَجب عليه أن يَبيعَه ويُؤَدِّيَ حقَّه، وإن لم يُؤَدِّ دينه ولم يَطلُب منه التّأخيرَ فيكون آثِمًا ما لم يَستَحِلَّه أو يُؤَدِّ حقَّه. وقال الإمام محمّد الغزاليُّ رحمه الله تعالى: لَو أَخَّر القادر على أَداءِ دينه عن الدّائنِ بغيرِ إذنهِ كان آثِمًا، وصارَ ظالِمًا، وكُتِبَت له سَيِّئَةٌ، وكانت عليه لَعنةُ الله تعالى حتّى يُوَفِّيَ دينه، ولَو كانت عنده بِضاعةٌ يُمكِنُه الوفاءُ من ثَمَنِها فيجِب عليه أن يبيعَها في الدّينِ الّذي عليه ويُؤَدِّيه وإلاّ يَأثَم، وإن رَدَّ إلى صاحبِ الدّينِ شيئًا لا يُحِبُّه فكان آثِمًا ولا يَحصُل الخلاصُ من ذلك الذّنبِ ما لم يُرضِه ؛ فإنّ ارتكابَهُ ذلك ممَّا يَزيدُ في الآثامِ والذُّنوبِ، فهو كبيرةٌ من أعظمِ الكبائرِ، ويَغفُل عنه كثيرٌ من النّاس([1]).