عنوان الكتاب: المحاضرات الإسلامية (الجزء الأول)

النّاس يَتوبون مُبْتَسِمين بل قد يَضحَكون، وليس معنى التّوبة أن يقول الإنسان بلسانه: اَلتّوبة، اَلتّوبة فقط، ويَضرِبَ يدَيه على وَجهِهِ، فإنّ ذلك توبةٌ بطَريقةٍٍ رَسْمِيَّةٍ، بل لا بُدَّ من النّدامةِ على الذُّنوب، كما قال النَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: «النّدَم توبةٌ»([1]).

 

أيّها المسلمون: مَن اقْترَفَ الذُّنوب والمعاصي فيجِب عليه الإقلاع والنّدَم في الحال والعزم على أن لا يعودَ إلى مثلِها أبَدًا في المستقبِل، ومع هذا يَجبُ عليه أن يَذكُر ما عمِل سوءً مَثلاً يقول: ربِّ إنّي نظَرتُ إلى الحرام فأَتوب منه وأَعزِم على أن لا أعودَ إليه في المستقبل. وقال الشّيخ محمّد نعيمُ الدّينِ الْمُرادآبادِيُّ رحمه الله تعالى: إنّ التّوبة في اللُّغة: اَلرُّجوعُ إلى الله تعالى. وأركانها ثلاثةٌ لا بُدَّ منها حتّى تَصِحَّ التّوبة: [1] النّدَم على ما عمِل من المخالفات. [2] وتَركُ الزِّلَّة في الحالِ. [3] والعَزْمُ على أن لا يَعودَ إلى مثلِ ما عمِلَ من المعاصي، فإذا اجتَمَعَتْ هذه الشَّرائِطُ تَصِحُّ التّوبةُ إلاّ في الفرائضِ الّتي يجِبُ قضاؤُها، فتَحْتاجُ التّوبة فيها إلى القضاءِ([2]).

 



 

([1]) أخرجه ابن ماجه في "سننه"، كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، ٤/٤٩٢، (٤٢٥٢).

([2]) "خزائن العرفان"، صـ١٠٩٥، وانظره في "الرسالة القشيرية" للقشيري، صـ١٢٧.

 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

269