كثيرًا، ولكنَّ أولادَه وأهله لا يَعلَمون أنّه هجَم عليه الموتُ وخَذَلَته الآمال وسلَبَتْه بَهاء النِّعمةِ وانقَطَعَتْ آثارُه، وبَلِيَتْ تحتَ التُّراب عِظامُه، وبَقِيَتْ أَعمالُه قَلائِدَ في عُنُقِه، فيَجهَلون بما وَقَعَ عليه ويَتَذَكَّرونه رَجاءَ أن يَقدَمَ من سَفَرِه بِمالٍ كثيرٍ ولا يَجتَهِدُ أَحَدٌ في إِهداءِ الثّوابِ إليهِ ؛ لأنّهُ لا يَعلَم بِموته.
أيّها المسلمون: إنّ إِهداءَ الثّوابِ إلى الحيِّ يصِحُّ، فيَنبَغي ويتأَكَّدُ على كلِّ مؤمنٍ أن يَجعَل ثوابَ صَدَقاته وأعماله الصّالحاتِ لِمَن يَفقِدُ من أَقرِبائه فلا يَغفُل عنه، ويُوَزِّع الكُتُب وَالرّسائل الدّينيَّة، ويُسافِر في سبيل الله مع قوافل الإخوة الدّعاة إلى الله تعالى لإيصالِ الثّوابِ إليه.
يُسافِر بعضُ النّاسِ في طَلَبِ المال من بَلَدٍ إلى بَلَدٍ فإنّه قد يَفوزُ بِكَسبِ المالِ ولكنّه كثيرًا ما يَهجُم عليه الموت ويُصاب بِشَرحِ الْجُثَّةِ ثُمّ إذا وَصَلَتْ جُثَّةُ الميِّت إلى وَطَنه كثُرَ العويل والصِّياحُ، وذَرَفَتِ العيون وبِكلّ قلبٍ حَسْرَةٌ وبعد الدّفن يَشتَغِل جمِيْعُ النّاس بأُمورِ الدنيا ويَنْسَونه ؛ لأنّ هذا أمرٌ لا بُدَّ من كَونِه كما رُوِيَ عن ابن عبّاسٍ رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صــلّى الله تـعـالى عــليــه وسـلّــم: «لله مَـلَـكٌ مُــوَكَّـلٌ