لَعِبَتْ بي جَمَعتُ المال من حِلِّهِ ومن غير حلِّه فَالْمَهْنَأَةُ لكم والتَّبِعَةُ عليَّ فاحذَروا مثلَ ما حَلَّ بي»([1]).
أيّها المسلمون: إنّ كلَّ ميِّتٍ في الحقيقة داعِيَةٌ كبيرٌ فإنّه يقول لنا صارِخًا: أيّها الْمُتخلِّفون في الدّنيا إنّكم سَتُفارِقونها كما فارَقتُها وسَتُدْفَنون كما أُدْفَنُ تحتَ التُّرابِ فَلتَستعدُّوا للآخرة واغْتَنِموا فُسْحَةَ الْمَهْلِ من قبلِ أن يَفجَأَكم الأجلُ.
ورُوِيَ عن سعيد بنِ المسَيَّبِ رضي الله عنه قال: دخلنا مَقابِرَ المدينة مع عليِّ بن أبي طالبٍ كرَّم الله تعالى وجهَه، فنادَى: يا أهلَ القبور السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تُخبِرونا بأخباركم أم تُريدون أن نُخبِرَكم ؟ قال: فسمعنا صوتًا من داخِل القبر: وعليك السّلام ورحمة الله وبركاته يا أميرَ المؤمنين أخبِرنا عمّا كان بعدنا فقال عليٌّ: أمّا أزواجُكم فقد تَزَوَّجنَ، وأمّا أموالُكم فقد اقْتُسِمَتْ، والأَولادُ فقد حُشِروا في زُمْرَة اليتامى، والبِناءُ الذي شَيَّدتم فقد سكَنه أعداؤُكم، فهذه أخبارُ ما عندنا، فما أخبارُ ما عندكم ؟ فأجابَه ميِّتٌ: قد تَخرَّقتِ الأكفان وانْتَثرتِ الشُّعورُ وتَقطَّعتِ الْجُلودُ وسالَتِ الأَحداقُ على