غافِلاً عن الآخرةِ الّتي هي دارُ القرارِ، فأين العمَلُ الّذي يَدُلّ على صدقِ الْمَقالِ ؟ أم أينَ ما يَدُلُّ على ذلك من صادِق الأحوالِ ؟ أم أنّ التَّحلِّي بالكلامِ صار عادةً والْخُلْفُ بالأفعال صار عبادةً ؟ فيا لِلمُصيبةِ الماحِقَة ! إن كان الأمرُ قد وَصَل إلى هذا الحدِّ من حَرق الفضائل وانتشار الرّذائل، فلنُراجِع أنفسنا قبلَ أن يَخرُجَ الأمر عن إرادتِنا، ونُصبِحُ عاجزين عن التَّحكّم بأنفسنا، يومَ تَجِدُ كلُّ نفسٍ ما عمِلت من خيرٍ مُحضَرًا، وما عمِلتْ من سوءٍ تَوَدُّ لو أنّ بينها وبينهُ أَمَدًا.
الدعوى الرابعة: لا بدّ من الموت
هذا الأمر لا يُنكِره أحدٌ ولو كان كافرًا، فكلُّ واحد يُقِرُّ أنّهُ يَموت في يومٍ، ويُفارِق هذه الدنيا الّتي عاش فيها مُدَّةً من الزَّمَنِ على حَسبِ ما شاء الله وقدَّر، فما بالُنا نَشتغِلُ بالذّنوب والمعاصي، بل كثيرٌ من الناسِ يَتجرَّؤون على المعاصي، ولا يَخشَون لَوْمَةَ لائِمٍ، حتّى إنّ بعضهم يَفتخِرون بالمعاصي من السَّرِقة والظّلمِ والكَذِب والغيبة ومُشاهدة الأفلامِ والمسرحيّات، غافِلين عن الْمَصيرِ الْمُحَتَّم الّذي لا بُدَّ أنّهم إليه صائِرون، وله يَومًا ما مُلاقون كأنّهم أَخَذوا صَكَّ أمانٍ وعَهِدوا بِالنَّجاة من