وأما الوسوسة الثانية: مجموعة الأسئلة الغريبة (هل هو طاعة أم معصية؟ إن كان طاعة فهل علمها النبي ﷺ أم لا؟ وإنْ كان علمها، فهل بلغها أم لا؟ فإن كان بلغها فأين الدليل؟)
وهذه أيضًا مغالطة وجهالة، وبيان هذا أنّ الشريعة الإسلامية التي جاء بها سيدنا محمد ﷺ تضمنت أوامر ونواه، غايتها ضبط حياة المسلم على الطريقة المثلى، التي ترضي رب العلى..
وهذا الأوامر تنقسم إلى قسمين:
الأول: أمرٌ طُلب فعله طلبًا جازما، ويسمى الفرض، وهذا يثاب فاعله ويعاقب تاركه.
والقسم الثاني: أمرٌ طُلب فعله طلبًا غير جازمٍ، ويسمى المندوب، وهذا يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه.
وأما النواهي فهي أيضًا على قسمين:
الأول: نهيٌ عن فعل بطلب تركه طلبًا جازمًا، فهذا هو الحرام، يعاقب فاعله، ويثاب تاركه امثالا.
والثاني: نهيٌ عن فعل بطلب تركه طلبًا غير جازمٍ، فهذا هو المكروه، يثاب تاركه ولا يعاقب فاعله.
وهناك أمور وأفعال سكتت عنها الشريعة، فهي المباحات التي لا يترتب عليها ثواب ولا عقاب.
جاء عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه عن رسول الله ﷺقال: (إِنَّ اللهَ فَرَضَ فَرَائِضَ فَلا تُضَيِّعُوهَا، وَحَدَّ حُدُودًا فَلا تَعتدُوهَا، وَحَرَّمَ أَشيَاءَ فَلا تَنتَهِكُوهَا، وَسَكَتَ عَن أَشيَاءَ رَحمَةً لَكم مِن غَيرِ نِسيانٍ فَلا تَبحَثُوا عَنهَا )[1].
وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه أن رسول الله ﷺقال :(الحَلالُ مَا أَحَلَّ اللهُ فِي كِتَابِهِ، وَالحَرَامُ مَا حَرَّمَ اللهُ فِي كِتَابِه، وَمَا سَكَتَ عَنهُ فَهوَ مِمَّا عَفَا عَنهُ)[2].
والسؤال الذي ينبغي أن يكون: هل الاحتفال بالمولد عبادة أم معصية أم مباح؟ ونستطيع أنْ نقول أنه جائز ومباح، وكذلك على فرض أننا قلنا أنّ الاحتفال بالمولد الشريف مستحب ويثاب عليه المسلم، فلا يقال لنا: (هل علمه النبي ﷺأم لا، وهل بلغه أم لا) لأنّ الاحتفال فعلٌ من أفعال الخير، والنبي ﷺ لم يخبرنا بكل صور الخير في الدنيا، مثاله: الانفاق على إقامة مسابقات القرآن الكريم، واقامة الاحتفالات