إن أعظم الصفات، وأكمل الأحوال، وغاية وجود المخلوقات هي العبودية لله تعالى، وسيدنا النبي ﷺ أفضل الخلق، وأفضل من كل المخلوقات من كل وجه، فضرورة هو أفضلهم عبودية لله تعالى، فهو أفضل وأكثر تحققًا في العبودية لله تعالى من المسيّر والمخيّر والمجبول عليها، هو كاملٌ على محبة الله وكمال رضاه، ورحم الله الإمام البوصيري القائل:
فَهْوَ الذِّي تَمَّ مَعْنَاهُ وَصُورَتُهُ
ثُمَّ اصْطَفَاهُ حَبِيبًا بَارِئُ النَّسَمِ
مُنَزَّهٌ عَنْ شَرِيكٍ فيِ مَحَاسِنِهِ
فَجَوْهَرُ الحُسْنِ فِيِهِ غَيْرُ مُنْقَسِمِ
وهذه منزلة لا تنبغي لأحدٍ من الخلق إلا واحد، واحدٌ لا شبيه له، ولا شريك له فيها، قال ﷺ: (سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو..) أخرجه مسلم (٣٨٤)، والوسيلة هي التي يُتقرب بها الخلق إلى الله تعالى، وهي الطريقة الموصلة للعباد إلى المولى الجليل سبحانه، فهو الحقيقة وكيفياتها والغاية وطرائقها، وهو ﷺ صاحب (المقام المحمود) الذي يتجلى للخلق يوم القيامة، فيتعرفون إلى منزلة هذا النبي الكريم ﷺ، قال الله تعالى: (عَسَىٰٓ أَن يَبۡعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامٗا مَّحۡمُودٗا) (الإسراء: ٧٩).