أيها المسلمون: الخِدَاع من الآفات الرذيلة والعادات الشنيعة، وقد كان السَّلَف الصالح رحمهم الله تعالى يحترزون من الرذائل والسيّئات ويُطهِّرون قلوبَهم من الْمُهْلكات ويبالغون في التقوى والحذر من الشبهات، وقد جلس الشيخ أبو بكر الشبلي رضي الله تعالى عنه عند رجل يتعلّم منه النحو فقال: قُلْ: ضرَب زيدٌ عمرواً، فقال الشِّبْلي: أضرَبَه حقيقةً؟ قال: لا، وإنّما هو مثالٌ فقال: علمٌ أوّلُه كَذِبٌ لا أتعلَّمه[1]. وسببُ ذلك أنّه بلَغ كمالَ الإيمان والتقوى، وإلاّ يجوز ضَرْب هذه الأمثال في التعليم، وقد نُقل أنّ سيدنا الإمام البخاري رضي الله تعالى عنه خرَج يطلُب الحديث من رجل فرآه وقد هرَبت فرَسُه، وهو يُشير إليها برِدائه كأَنّ فيه شعير فجاءته فأخَذها، فقال: أكان معك شعير؟ قال: لا، ولكن أوهَمْتُها. فقال البخاري: لا آخُذ الحديث عمَّن يَكْذِبُ على البَهائم[2]. نسأل اللهَ عزّ وجلّ أن يرزُقنا فِعْل الخيرات وتركَ المنكرات من الكذب والغيبة والخيانة والخداع.
أيها المسلمون: الحسَد بِضاعة من بضائع الشَّيطان يبيعها للمُقرِئِين. والحسَد: أن تَتمَنّى زَوال نعمة الْمَحسود إليك[3]. فمن الصِّفات الْمَذْمومة أن ترى فاضلاً فتشتَهي زوال نعمته إليك. وهو من أفعال الْحَمْقَى؛ لأنّه اعتراضٌ على قسمة الله تعالى.