والحسَد موجودٌ في جميع الطبَقات الإنسانية وخاصّةً في الْمُتَدَيِّنين الذين لا ينتبهون إلى مضرّات هذا الفعل الحرام، فيقعون فيه، فإنّك ترى هذا واضحاً فيما إذا تفوَّق أحدٌ على أقرانه فإنّ الكثيرَ منهم يتمَنّى زَوال هذه النِّعْمة عنه، ويطلُبُها لنفسه وقد فشَى هذا الأَمْر كثيراً بين الطُّلاّب والقُرَّاء، فالمتفوِّقُون يَرْغَبون بالدرَجة الأولى في الْمُسابقات، فإن نالها غيرُهم تَمَنّوا زَوالها عنه لنيل هذا الشَّرَف، فيقعون بسبب ذلك في مَعاصٍ أُخرى كالغيبة والبهتان وسُوْء الظنِّ بالمؤمنين والمسلمين، ولا بُدَّ من تنبيه الإخوة المسلمين الذين يُشاركون في الاحتفالات والمسابقات من مُنْشدين وغيرهم إلى التَّحَرُّز من آفات الرياء والسُّمْعة، لأنّنا رأينا كثيرًا منهم يُسارِعون في الإنشاد والقراءة في الْحَفَلات الكبيرة، ويحزَنون إذا ما فاتَتْهم فُرْصةُ المشارَكة، وأمّا في الْحَفَلات الصغيرة فلا يحضر فيها إلاّ من وَفَّقه اللهُ تعالى، فعلى كلِّ واحد منهم أن يُفتِّش في نيته قبل حُضور هذه الْحَفَلات والْمُسابقات لئلاّ يقَع في الآفات والْمُهلِكات بَدَلاً من نَيْل الْحَسنات، وينبغي علينا أن نزيِّن أعمالنا بالصِّدْق والإخلاص، فعن سيدنا مُعاوية بن قُرَّة رضي الله تعالى عنه قال: «عمَلُ السِّرّ أفضل من الْعَلانية بسَبْعين»[1]. ومن المعلوم أنّ العمَل بدون إخلاص لا يجلب الخير لصاحبه في الدنيا ولا في الآخرة، بل يُوْقِعه في الْحَسرة والنَّدامة، وقد رُوي عن سيدنا أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلّم أنّه قال: «الْمُرائي يُنادى به يومَ القيامة على رُؤوس الْخَلائق بأربعة أسماء: يا كافِر، يا فاجر، يا خائن، يا غادر، ضَلّ عمَلُك، وبطل أَجْرُك، فلا خَلاَقَ لك اليوم عند الله تعالى، فالتَمِسْ أَجْركَ ممَّن كنتَ تعمَلُ له يا مُخادعُ»[2].