وخمسين يوماً[1].
أيها المسلمون: بُعث سيّد الأنام مصباح الظَّلام حبيب الْمَلِك العلاّم عليه أفضل الصلاة والسلام في قومٍ جُفَاة، شديدة عداوتهم، قاسية طباعهم، متحجّرة عُقولهم، كالوُحوش المستنفرة، ومع ذلك كان الرسول الكريم صلّى الله تعالى عليه وسلّم مُتخلّياً عن الرذائل والسيّئات، مُتحَلّياً بالفضائل والكمالات، مُتخلّقاً بالأخلاق الحميدة، مُتّصفاً بالصِّفَات العزيزة، حتّى اشتهر في الناس بالصدق والأمانة، وكان يُسمِّيه قومُه بالصادق الأمين.
وكان رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلّم يتعَبّد قبل البعثة في غار حراء، في أعلى جَبَل النور الذي يَقَع شرق شمال مكّة الْمُكرَّمة على يمين الداخل إليها، فقد كان النبي صلّى الله تعالى عليه وسلّم يَخْلو فيه بنفسه، ويتفكّر في بديع مَلَكوت السموات والأرض، وينظر في آياته الكونية
[1] ذكره القسطلاني في "المواهب اللدنية"، ١/٦٩-٧٦، والحلبي (ت ١٠٤٤هـ) في "السيرة الحلبية"، ١/٧٨-٨٨، والصالحي في "سبل الهدى والرشاد"، ١/٣٣٦.