لساني في بعض الأحوال يجري بالذكر والقرآن، وقلبي غافل، فقال: اشكر الله إذا استعمل جارحةً من جوارحك في الخير، وعوَّده الذكر، ولم يستعمله في الشرّ ولم يعوّده الفضول، فإيّاك وأن تلمح في الطاعات مجرّد الآفات فتفتر رغبتك عن العبادات فإنّ هذه مكيدة روَّجها الشيطان بلعنته على المغرورين، وخَيَّل إليهم أنّهم أرباب البصائر وأهل التفطّن للخفايا والسرائر، فأيّ خير في ذكرنا باللسان مع غفلة القلب؟ فانقسم الخلق في هذه المكيدة إلى ثلاثة أقسام: ظالم لنفسه، ومقتصد، وسابق بالخيرات، أمّا السابق، فقال: صدقت يا ملعون، ولكن هي كلمة حقّ أردتَ بها باطلاً، فلا جرم أعذبك مرّتين وأرغم أنفك من وجهين، فأضيف إلى حركة اللسان حركة القلب، فكان كالذي داوى جرح الشيطان بنثر الملح عليه. وأمّا الظالم المغرور، فاستشعر في نفسه خيلاء الفطنة لهذه الدقيقة، ثم عجز عن الإخلاص بالقلب، فترك مع ذلك تعويد اللسان بالذكر، فأسعف الشيطان وتدلى بحبل غروره، فتمت بينهما المشاركة والموافقة. وأمّا المقتصد: فلم يقدر على إرغامه بإشراك القلب في العمل وتفطن لنقصان حركة اللسان بالإضافة إلى القلب،