يَعْلَم مدى فضل الله على العباد وعلى البَشريَّة جمعاء إذ أكرَمَها بمَبْعث خير البَشريّة سيدنا محمد صلّى الله تعالى عليه وسلّم؛ ليسلك بها طريق النُّوْر والهداية ويروّضها وَسَاسَها ويعلّمها دين الإسلام فقد أشرق ببعثته تاريخها وانجلى ظلامها.
ووُلد رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلّم مَخْتُوناً مَسروراً مَكحولاً، ونظيفاً ما به قذر، واقعاً على يديه، رافعاً رأسه إلى السماء، في الساعة الأخيرة من ليلة الاثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأوّل الْمُوافق لشهر إبريل، واحد وسبعين وخمس مئة ميلادية بعد حادثة الفيل بخمس وخمسين يوماً([1]).
أيها المسلمون: بُعث سيّد الأنام مصباح الظَّلام حبيب الْمَلِك العلاّم عليه أفضل الصلاة والسلام في قومٍ جُفَاة، شديدة عداوتهم، قاسية طباعهم، متحجّرة عُقولهم، كالوُحوش المستنفرة، ومع ذلك كان الرسول الكريم صلّى الله تعالى عليه وسلّم مُتخلّياً عن الرذائل والسيّئات، مُتحَلّياً بالفضائل والكمالات، مُتخلّقاً بالأخلاق الحميدة، مُتّصفاً بالصِّفَات العزيزة، حتّى اشتهر في الناس بالصدق والأمانة، وكان يُسمِّيه قومُه بالصادق الأمين.