الشمس في يميني والقمرَ في يساري على أن أَتْرُك هذا الأمر حتّى يظهره الله أو أهلك فيه ما تَرَكْتُه». ثم استعبر رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلّم أي: ذرفت الدموع من عينيه فبكى ثم قام فلمّا ولّى ناداه أبو طالب فقال: أقْبِل يا ابن أخي، فأقْبَل عليه، فقال: اذْهَبْ يا ابن أخي، فقل ما أحْبَبت فوالله لا أُسْلمك([1]).
أيها المسلمون: في هذا درس بليغ لدعاة الحقّ وأهل الإصلاح في الأمّة: أنّه مهما احْلَوْلَكَت الظلمات فينبغي عليهم أن يصبروا.
وفي موسِم الحجّ اجتَمَع إلى الوليد بن الْمُغِيْرة نفَرٌ من قريش وكان ذا سِنّ فيهم، وقد حضَر الموسِم، فقال لهم: يا مَعْشَر قريش إنّه قد حَضَر هذا الموسِم وإنّ وُفود العرَب ستَقْدَم عليكم فيه وقد سَـمِعوا بأمر صاحبكم هذا، فانطلِقوا وتفرَّقُوْا على عِقَاب مكّة وطُرُقها حيث يمُرّ بكم أهل الموسِِم فإذا سألوكم عن محَمّد فليقل بعضكم: إنّه كاهن، ويقول الآخر: كذّاب، والآخر: شاعر، والآخر: ساحر، والآخر عرَّاف، فإذا جاؤوا إليّ صدَّقْتكم، فذهَبُوْا وقَعَدوا على عِقَاب مكّة وطُرُقها يقولون لمن مرّ بهم من حُجّاج العرَب: لا تَغْتَرّوا