أيها المسلمون: كفّار قريش كانوا لا يألون جُهداً في التَّعرُّض بالأذى للنبي الكريم صلّى الله تعالى عليه وسلّم، فآذوه أذِيّةً لا تُطاق فأغضى عنهم حِلْماً وهو صاحب عَدَم الانتقام، شأنُه التغافُل، فهو واسع العلم والحلم، لم تعيه الأعباء وقد وَجّه دَعْوته فى السِّرّ والجهر بإصرار وثَبات وصَادَف من بيئته جُمُوْداً ومُعارَضة تَمثّلت فى رُدُوْد فعل مختلفة، وقد بَلَغ من إيذائهم للنبي الكريم صلّى الله تعالى عليه وسلّم أن ألقوا عليه فَرْث النَّاقة وسَلاها وهو ساجد فلم يَقْدِر أحد على رَفْعه عنه فلم يزَلْ ساجداً حتّى جاءت ابنتُه فاطمة فألْقَتْه، فعن سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه: أنّ النبي الكريم صلّى الله تعالى عليه وسلّم كان يُصلّي عند البيت، وأبو جهل وأصحاب له جُلُوْس، إذ قال بعضهم لبعض: أيّكم يجيء بسَلَى جَزُوْر([1]) بني فلان، فيَضَعه على ظَهْر محمّد إذا سَجَد؟ فانْبَعَث أشقى القوم [عقبة بن أبي مُعَيْط] فجاء به، فنَظَر حتّى سَجَد النبي الكريم صلّى الله عليه وسلّم فوَضَعه على ظَهْره بين كَتِفَيْه وأنا أنْظُر لا أُغْني([2]) شيئاً لو