الرضا بالقدر والقضاء | ---------


نشرت: يوم الخميس،30-أغسطس-2018

الرضا بالقدر والقضاء

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، أما بعد:

فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم

أهمية الإيمان بالقضاء والقدر:

الإيمان بالقدر خيره وشره من الله سبحانه وتعالى ركن هام من أركان الإيمان الستة، التي بينها الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم لسيدنا جبريل عليه السلام عندما سأل الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم: فأخبرني عن الإيمان؟

فقال له:

((أن تؤمن باللّه وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره)). (صحيح مسلم: ٨)

ومن هنا تبين أن من أنكر هذا الركن العظيم فقد أنكر معلوماً من الدين بالضرورة، وبالتالي يخرج من الملة.. والعياذ بالله..

تعريف القضاء والقدر:

القضاء: هو حكم الله تعالى على الأشياء السابق على وجودها، المطابق لعلمه الأزلي سبحانه.

والقدر: هو تنفيذ ما حكم به سبحانه.

ومن الأحاديث الهامة التي ينبغي على المسلم الإيمان والتسليم بمعانيها، حديث ورد عن الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم يبين فيه أقدار الله تعالى على كل إنسان، فقال صلوات ربي وسلامه عليه:

((إن خَلْقَ أحدكم يُجمَع في بطن أمه أربعين يوماً أو أربعين ليلةً، ثم يكون عَلَقَةً مثلَه، ثم يكون مُضغَةً مثله، ثم يُبعَث إليه المَلَكُ فيُؤذَن بأربع كلماتٍ، فيَكتُب: رزقه، وأجَله، وعمله، وشقيٌّ أم سعيدٌ، ثم يَنفُخ فيه الروح،

فإن أحدكم لَيعملُ بعمل أهل الجنة حتى لا يكون بينها وبينه إلا ذراعٌ، فيَسبِقُ عليه الكتاب، فيَعملُ بعمَل أهل النار فيَدخلُ النار،

وإن أحدكم لَيعملُ بعمل أهل النار، حتى ما يكون بينها وبينه إلا ذراعٌ، فيَسبِقُ عليه الكتاب، فيَعملُ عمَل أهل الجنة فيَدخلُها)). (صحيح البخاري: ٧٤٥٤)

فهذا الحديث الشريف يبين لنا كيف أن المولى -جل شأنه- قد كتب لنا ما قدره من أعمار وأرزاق وغيرها... وما على المسلم المؤمن إلا السعي لما قدر له، فكلٌّ ميسرٌ لما خلق له، وحريٌّ بكل عبد مخلص أن يسأل الله تعالى حسن الختام، فإن العبرة للخواتيم كما ظهر من معاني الحديث الشريف.

أحوال السلف في فهم القدر:

وقد سأل سيدناعمر بن الخطاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن كيفية فهم للقدر والتعامل معه حسب مراد الله سبحانه، فقال رضي الله عنه: يا رسول اللَّه.. أرأيتَ ما نعملُ فيه أمرٌ مُبتَدعٌ أو مُبتَدأٌ أو فيما قد فُرِغَ منهُ؟

فقال صلى الله عليه وآله وسلم:

((فيما قد فُرِغَ منهُ يا ابن الخطابِ وَكلٌّ ميسرٌ، أما من كان من أهل السَّعادة فإنه يعمل للسَّعادة، وأما من كان من أهل الشَّقاء فإنه يعملُ للشَّقاء)). (سنن الترمذي: ٢١٣٥)

وقيل لسيدنا يحيى بن معاذ رحمه الله: متى يبلغ العبد إلى مقام الرضا؟

فقال: إذا أقام نفسه على أربعة أصول فيما يعامل به ربه، فيقول:

"إن أعطيتني قبلت، وإن منعتني رضيت، وإن تركتني عبدت، وإن دعوتني أجبت".

[بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز: ٣/ ٨٢]

ورحم الله الإمام الشافعي إذ يقول:

يريد المـرء أن يعطى مــــناه *** ويأبى الله إلا مـــــــا أراد

يقول المــــــرء فائدتي ومالي *** وتقوى الله أفضل ما استفاد

[حلية الأولياء: ٩/١٥١].

ختاماً:

نسأل الله تعالى أن يرزقنا إيماناً كاملاً، ويقيناً صادقاً، رضاً بما قدر سبحانه وتعالى... وأن يوفقنا للدعوة إلى الله تعالى في مركز الدعوة الإسلامية، ويكرمنا بالسفر مع القوافل المدنية لإحياء سنن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، إنه سميع قريب مجيب...

وصلى الله تعالى على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين..

صلوا على الحبيب... صلى الله تعالى على سيدنا محمد

تعليقات



رمز الحماية