تطوير الذات وبناء الشخصية | الشيخ أيمن ياسر بكار


نشرت: يوم الأَحد،30-يونيو-2019

تطوير الذات وبناء الشخصية

عمارة الأرض وظيفة بشرية، وفطرة ربانية، كما قال تعالى:

هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ وَٱسۡتَعۡمَرَكُمۡ فِيهَا

فالفطرة التي جبل الإنسان عليها هي العمل في الدنيا والكدح فيها وفي عمارتها، ليتميز الأحسن فعلا وعملا، قال تعالى:

ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلۡمَوۡتَ وَٱلۡحَيَوٰةَ لِيَبۡلُوَكُمۡ أَيُّكُمۡ أَحۡسَنُ عَمَلٗاۚ

وهذا هو النجاح الذي يتمناه كل إنسان، ويسعى لتحقيقه في كل آن، وهذا يتطلب منا أن تتصف شخصيتنا بصفات وملامح معينة، وأن نكتسب بين الحين والآخر مهارات محددة، وخاصة في زماننا الذي أصبحت فيه الحياة أشد تعقيدًا، والمنافسة أكثر قوة، فالنجاح ليس سهلا، وليس مجرد جذوة حماس مؤقتة تخبو بعد فترة، ولا انتفاضة همة للعمل تهدأ بعد حين، إنما الأمر جد وتعب، ومواظبة والتزام، ومن الأمور المهمة أن تضع في حسبانك أنك بحاجة إلى أن تفهم نفسك بنفسك، وأن أمامك الكثير لتتعلمه، وهذا أيضا يحتاج إلى جهد والتزام أمام نفسك، وهذا لا يكون بالإجبار، واسمحوا لي أن أقدم لكم بعض النصائح لـ"تطوير الذات وبناء الشخصية":

التنمية وتطوير الذات: يقوم على الاكتساب اليوميِّ للمعارف والمهارات والخبرة من خلال التجربة، كما ورد في الأثر:

من استوى يوماه فهو مغبون، ومن كان يومُهُ شرًّا من أمسه فهو ملعون، ومن لم يكن على الزيادة فهو في النُّقصان فالموت خير له

فالتعلُّم يوميٌّ واستمراريٌّ، يتطوَّر بالتقدُّم فيطوِّرُ الذات تلقائيًّا.

* كن نشيطًا ومُفعَمًا بالحياة: فلا أضَرّ على الإنسان من وَهْنِ العزيمة، وثبْطِ الهمة، والإنسان بالروح لا بالجسد، والروح باقية لا تموت حتى وإن فارقت الجسد، وصاحبها هو الوحيد الذي يقتلها في هذه الدنيا بالوهن واليأس، وقد حرَّم الله تعالى اليأس من رحمته، فقال تعالى:

وَمَن يَقۡنَطُ مِن رَّحۡمَةِ رَبِّهِۦٓ إِلَّا ٱلضَّآلُّونَ ٥٦

فالقنوط واليأس قتلٌ للنفس، ومن الجريمة بمكان أن يقتلَ الإنسان شؤونه الباقية حفاظًا على شؤونٍ فانيةٍ.

* كن واقعيّا وعش الحاضر فقط: لتكن أهدافك ضمن إمكانيَّاتِك، فلا تجعل أهدافك صعبة المنال فتملّ العمل وتعيش

في الأحلام والأوهام، وعش حاضرك الآن، فإنّ كل الأهداف التي تريدها، والنجاحاتِ التي تطمح إليها، يكون تحقيقها الآن، في اليوم الذي تعيشه الآن،

فقد جاء رجل إلى رسول الله ﷺ فقال: يا رسول الله! متى السّاعةُ؟ قال: وما أعددتَّ للسّاعة؟

فعش يومك في تحقيقِ هدفك والإعدادِ له......

* افهم الحكاية واختر ما يليق بك: الوقت يمضي، والأيام تمرّ سواءٌ استفدت منها وازددت فيها أم لا، ستأتي عليك وعلى غيرك الأيامُ والمناسبات، وسوف تجد أُناسًا وصلوا إلى مراحلَ بعيدةٍ من التطوّر والتقدّم، ونالوا مرتبةً عاليةً، وفي المقابل سوف تجد أنّ آخرين على ما هم عليه، وهكذا تمضي الأيام عليهم، فاختر لنفسك ما تراه لائقًا لتكون إيجابيًّا.

* التركيز على الأهداف: الحياة لا تدع الإنسان أن يسير على وتيرة واحدة، بل تعترضه أحداثٌ كثيرة، كالهموم أو المشاكل أو الابتلاءات، وكثيرًا ما يتخذها البعض ذريعة لتبرير فشلهم بها، ولإسقاط تقصيرهم عليها، وهذا لن ينفعك بشيء، بل هذا تفكير خطير، يهدمك من الداخل، ويُفقِدُك الثقة بالقدرة على فعل شيء، ويجعلك تشعر أن نجاحك ليس بيدك؛ بل بيد الآخرين من حولك، فعليك أن تحذر من أن تجرك الحياة إلى دائرتها التي لا تتوقّف، فتشغلك عن هدفك، ركِّز على الهدف ولا تتراجع عنه فإنّه أمامك.

لا تشعّبْ أهدافك: طموح الإنسان كبير، وأهدافه كثيرة، وهذا لا مشكلة فيه، ويمكنك أن تسجلها جميعًا، ولكن احرص عند البدء بها والشروع في تنفيذها أن يكون لك هدف أو اثنان، رتبها حسب الأولوية، كي لا تشتّ فتضيّع قواك، وينفذ جهدك، وتنفق وقتك في عدة اتجاهات، دون أن تحقّق فيها شيئًا مفيدًا.

* جزِّء هدفك على محطات: في البداية ستكون متحمسًا ومندفعًا لتحقيق الهدف، ولكن يومًا بعد يوم قد يقلّ الحماس، وتستشعر عظم الهدف، فيتحوّل من هدف واستشراق للمستقبل إلى همّ وثقل يضغط عليك، وحتى لا تقع في هذه المشكلة، جزّء هدفك إلى مراحل صغيرة، بحيث تبدأ بها واحدة تلو الأخرى، فتركز على هذا الجزء الصغير من الهدف فقط، فيخف عليك فعله، وبعد الانتهاء منه تشعر بأنك أنجزت شيئًا، وأنك تسير في الطريق الصحيح إلى مبتغاك.

* المراجعة والتقييم: سجّل ما تقوم به من أجل هدفك، وقس تقدّمك، فإذا رغبت بتعلّم لغة من لغات العالم مثلاً، فانظر في كمية الكلمات التي حفظتها، والقواعد التي تعلمتها، وما مدى قدرتك على المحادثة بها، وإلى أيّ مستوى وصلتَ فيها، وهكذا في جميع أهدافك، فإذا وجدتَ تقصيرًا أو خللاً سارعتَ إلى إصلاحه واستدراكه، وإذا وجدت تقدّمًا زادك تقدّمك حماسًا واندفاعًا برؤية وتأمّل.

* رافق هدفك: من الأمور التي تساعد على تحقيق الهدف أن تكثر من استحضاره في ذهنك، وتتصوّره معك في نفسك، وتتأمّل كيف ستكون حياتك بعد ذلك، لهذا ينصح البعض بأن يكتب الهدف بخطّ واضح جميل ويوضع في الغرفة أمام صاحبه، أو أن يرسم صاحب الهدف أهدافه، فأكثر الناجحين تعاملوا مع أهدافهم بهذه الطريقة.

ختامًا:

مع مراعاة هذه النصائح يمكنك أن تكتسب مهارات جديدة كـ"فنّ الإلقاء أو التواصل وإقامة العلاقات، أو تعلّم البرمجة، أو أيّ علم آخر"، ويمكنك أن تصقل شخصيتك بحيث تكون قياديًّا أو إداريًّا ناجحًا، واعلم أن النجاح أوّلاً وأخيرًا هو توفيق من الله تعالى، وما أجمل أن تؤسّس حياتك وتطلعاتك المستقبليّة على رضى الله تعالى واتباع سنة حبيبه المصطفى ﷺ، فهذا والله قمة النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة، فما كان لله دام واتصل، وما كان لغير الله انقطع وانفصل.


#مركز_الدعوة_الاسلامية
#مركز_الدعوة_الإسلامية
#الدعوة_الإسلامية
#مجلة_نفحات_المدينة
#نفحات_المدينة

تعليقات



رمز الحماية