المعيار الشرعي لطاعة الناس | السيد نعمان العطاري المدني


نشرت: يوم الخميس،08-سبتمبر-2022

المعيار الشرعي لطاعة الناس

قال رسولُ الله ﷺ:

إنّما الطاعةُ في المعروف

أي: فيما رضيه الشارع واستحسنه وهذا صريح في أنه لا طاعة في محرم

إن الله ربُّنا وخالقُ الكونِ كلِّه، وقد خلَق كلَّ ما في الكونِ بقدرته الكاملة، وهو الذي وفّق الناسَ بالقُدرة على فعلِ الخير وتجنُّبِ الشرِّ، وليس لغيره أمرٌ ولا نهيٌ، وهو الذي أمَر عبادَه بطاعته وطاعة رسوله ﷺ، كما ورد في القرآن الكريم:

﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ﴾

أي: استجيبوا لأوامر الله تعالى ورسوله ﷺ.

القُيودُ والضوابطُ لامتثالِ الأوامر:

لقد كان رسولُ الله ﷺ عطوفًا على الناس وشفوقًا بهم للغاية، حيث كان حريصًا على هدايتهم دائمًا، ولذلك وضعَ الضوابط المهمة في امتثال، وهي الطاعة في المعروف، وكذا قال:

"لا طاعةَ لمخلوقٍ في معصية الخالق"

وكلُّنا في المجتمعِ نرتبط مع بعضنا في العلاقات، وقد يَضطرُّ بعضُنا لامتثال أوامر الآخرين بصورة أو أخرى، ولكن يجبُ أن تكونَ هذه الطاعةُ مقيدةً ببعض القيود والضوابط، فعلى سبيل المثال:

1) يجبُ على الأولاد أن يُطيعوا جميع أوامر الآباء، ولكنَّهم لو أمروهم بالكذب، أو إيذاء الآخرين، أو كسب الحرام، أو السرقة، أو النهب، أو الرشوة، أو الغيبة والنميمة، أو عدم الحجاب الشرعي وما إلى ذلك فلا يجوزُ لهم الطاعة.

2) على التلامذة أن يطيعوا أوامر أساتذتهم لإبقاء عملية التعلّم والتعليم والانضباط، ولكن لو أمروهم بالغش، أو اتهام الآخرين، أو خدش الحياء بارتكاب الذنوب، وما إلى ذلك فلا يجوز له الطاعة.

3) هكذا على العمّال والموظَّفين من حيث الإدارة والعمل أن يُطيعوا أوامرَ المدير ورئيس المؤسّسة ولكنه لو أمرهم بترك الصلاة المفروضة، أو ترك صيام رمضان، أو إيذاء الآخرين، أو المؤامرة ضدّ موظَّف للطرد من الوظيفة، وما إلى ذلك من الأوامر غير الشرعية فلا يجوز له الطاعة.

4) من سوء الأدب أن يرفض الأخُ الصغيرُ، أو الأختُ الصغيرةُ، أو ابنُ الأخ، أو بنتُ الأخ، أو ابنُ الأخت، أو ابنةُ الأخت، أو الحفيدُ، أو الحفيدة، أو السبطُ، أو السبطةُ أوامرَ الأخِ الكبير، أو الأختِ الكبيرة، أو الجدّ، أو الجدّة، أو العمّ، أو الخال أو الخالة ولكنَّهم لو أمروهم بقطع الرحم، أو أخذ الأشياء دون إذن المالك وما إلى ذلك فلا يجوز لهم الطاعة.

5) ينبغي على الزوج والزوجة استجابةُ أوامر بعضهما البعض من أجل بقاء المودّة بينهما وتجنّب الخلافات والنزاع والحفاظ على السلام والنظام المنزلي ولكن لو الزوج أمر الزوجة بعدم الحجابِ أو بشيء يخالف الشرع، وكذا لو حثَّت الزوجةُ الزوجَ على عدم إطاعة أهله أو إيذائهم أو قطع الرحم معهم فلا يجوز لهما ذلك.

6) مُعظم الناس في العالم يستجيبون لأوامر قوّادهم بجد وفي أي مجال من المجالات كان، ويقدمون له التضحيات بالنفس والمال، لكن إذا أمرهم القائدُ بفعل شيء يضرّ بالوطن أو الأمة أو يضر بنفوس الناس وأموالهم وأعراضهم، فلا يجوز له الطاعة.

7) وكذا الناسُ يطيعون الحكّامَ وأولي الأمر، فلو أمروهم بمحرمات كإغلاق المساجد والمدارس وأخذ الربا والرشوة وأكل المال الحرام وعدم التفريق بين العدل والظلم وإبعاد الناس عن الشريعة الإسلامية، ونشر الفواحش والمنكرات فلا يجوز لهم الطاعة.

8) الناس يَقبلون نصائح أصدقائهم عادة، وربما يرتكبون المعاصيَ إرضاءً لهم واستجابة لأوامرهم بدون تفكّر أو تدبّر، فيأخذ الإنسانُ السلوكَ والعادات ـــــ سيئة كانت أم حسنة ــــ من الأصدقاء ومن ثم يلزمها، فصحبة الصديق الفاسد تجعل المرءَ فاسداً وصحبة الصديق الصالح تجعله صالحًا كما قال رسول الله ﷺ:

الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل

ولذلك يلزم على الصديق أن يكون حذرًا مما يقوله الصديق ويطلبه، فإذا طلب منه أفعالا أو أقوالا غير شرعية فلا يجوز له الاستجابة، ولا يقبل منه شيئًا إلا ما كان جائزًا ونافعًا لحياته الدنيوية والأخروية.

بالإضافة إلى ذلك هناك أمثلة كثيرة، ومهما يكن الأمرُ فالطاعة يجب أن تكون ضمن الأحكام الشرعية كما قال رسول الله ﷺ:

"إنما الطاعة في المعروف"

ولتنظر قبل كل شيء إلى طبيعة ذلك الفعل، هل هو جائز من حيث الشرع أم لا، إن كان جائزاً فلك أن تقوم به وإلا فلا، بهذه الطريقة يمكن التغلُّبُ على المخالفات الشرعية والعادات السيئة، وتنتشر بين الناس الحبّ والمودة والأخوة وتنقص نسبة العداوة والتباغض والحسد بين الناس.

نسأل اللهَ تعالى التوفيقَ للطاعة فيما يحبّ ويرضى عنا مع تجنّبِ الذنوب، وهو وليّ التوفيق.


#مركز_الدعوة_الاسلامية
#مركز_الدعوة_الإسلامية
#الدعوة_الإسلامية
#مركز_فيضان_المدينة
#مؤسسة_مركز_الدعوة_الإسلامية

تعليقات



رمز الحماية