التَّخوُّف المرضي (الفوبيا) | الدكتور زيرك العطاري، الخبير النفسي في بريطانيا


نشرت: يوم الأَربعاء،14-ديسمبر-2022

التَّخوُّف المرضي (الفوبيا)

التَّخوُّف المرضي: نوعٌ من اضطرابات القلق (Anxiety)، وهو مرضٌ نفسيٌّ يخافُ المرءُ فيه بشكلٍ متواصلٍ من شيءٍ، أو مكانٍ، أو موقفٍ، أو شعورٍ، أو حيوانٍ، أو نشاطاتٍ معينة؛ تُؤثِّر على حياته اليومية، وفي بعض الحالات يجعل الشخصَ المصابَ في ضيقٍ شديدٍ عقليًّا ونفسيًّا.

يحدُثُ التَّخوُّف المرضي عندما يَشعر المصابُ بخطرٍ مُفرطٍ وغير ضروري إزاء موقف مّا، مع أن الموقفَ يكونُ خالٍ من الخطر، في حال زيادة التَّخوُّف المرضي يحاول المصابُ تجنّب المواجهة لما يخاف منه في أعماله اليومية، إلى أن تُصبِح نشاطاتُه اليوميةُ محدودة جدًّا، ونتيجةً لذلك يشعُر المرءُ بالذَّعر والخوفِ الشديدِ طوال حياته.

أقسامُ التَّخوُّف المرضي:

الأشياءُ أو المواقفُ التي يخافُ منها المصابُ في التَّخوُّف المرضي كثيرة جدًّا، ولكن التخوّف على نوعين أساسيّين:

1) المرضي المحدَّد أو البسيط.

2) التَّخوُّف المرضي المعقَّد.

(1) التَّخوُّف المرضي المحدَّد أو البسيط:

وفي هذا النوع يخافُ المصابُ من وجود شيءٍ مخصوصٍ أو موقفٍ محدَّدٍ، عادة ما يبدأ هذا الخوفُ في مرحلة الطفولةِ أو المراهقة، ومع تقدّم السنّ يتقلَّصُ لدى بعض الْمَرْضَى، والأمثلةُ الشائعةُ لهذا النوع من الفوبيا:

* الخوفُ من الحيوانات كالكلاب أو القِطط أو الثعابين أو العَناكِب أو الجُرْذان.

* أو الخوف من العناصر البيئية كالمرتفعات والمياه العميقة والجراثيم.

* أو الخوف من المواقف كالذهاب إلى الطبيب والسفر على متن الطائرة.

* أو الخوف من الموادّ المتعلّقة بالجسد كالدم والقيء والحقن.

(2) التَّخوُّف المرضي المعقَّد:

هذا النوع من الفوبيا يُعتبر أكثر خطرًا من الجميع، بحيث يشلُّ المريضُ لدرجةٍ يستحيلُ عليه أن يعيش حياة طبيعية، وعادة ما يبدأ هذا النوع في مرحلة الشباب ويرتبطُ بالخوف العميق الذي كان قد عانى منه المريضُ في موقفٍ معيّن في حياته.

للتخوُّف المرضي المعقَّد نوعان أساسيّان:

(1) رُهابُ الخلاء (Agoraphobia): في هذا النوع يخاف المريضُ عادة من الأماكن المفتوحة والأماكن المزدحمة والعزلة والسفر في وسائل النقل العام، ويظنّ المريض أنه إذا حدث شيء هنا كيف سأهرب منه لإنقاذ حياتي؟ هذه الفكرة تسيطر على ذهنه لدرجة أنه يشعر بالتوتر الشديد، وفي بعض الحالات تحدُث له نوبةُ هلعٍ (Panic Attack) ويعتقد المريضُ أنه سيموتُ الآن، ولذلك يتجنَّب هذا النوع من الْمَرْضَى مثل هذه الأماكن وتُصبحُ حياتُهم بائسة ومُمِلّة.

(2) الرُّهاب الاجتماعي (Social phobia): في هذا النوع يشعرُ المريضُ بالخوف والقلق الشديد من مواجهة الآخرين والتحدُّث إليهم أو الإدلاء ببيان في حشد من الناس، وهو يُفكّر دائمًا أنه لو أخطأ في شيء ماذا سيقول عنه الناس؟ ربما يسخرون منه وينحطّ في أنظارهم، وبعض المصابين بهذا المرض يعانون من الرُّهاب الاجتماعي لدرجة يتجنَّبون التعاملَ مع الناس تمامًا فتتعطَّل نشاطاتُهم كلها حتى يُصبحوا منعزلين عنهم.

أعراض التَّخوُّف المرضي وتشخيصه:

الفوبيا نوع من اضطرابات الهلع، وتحدُث في الأحوال العادية أيضًا، وقد لا تظهر على المريض أيّة علامة للذعر ولكنه حين يواجه شيئًا أو موقفًا يخاف منه يمكن أن تظهر عليه الأعراض التالية: الدوار أو الأغماء، الغَثَيان، التعرُّق، تسارع نبضات القلب، سرعة التنفُّس أو احتباسه، ارتجاف الجسم اضطراب حركة المعدة.

أما تشخيص الفوبيا فليس صعباً، حيث يعرف المريضُ نفسه أنه مصابٌ بالتَّخوُّف المرضي، ولذلك يتجنَّب الأشياءَ والمواقفَ المتعلِّقة بالفوبيا بنفسه دون أن يراجع الطبيبَ النفسي للاستشارة الطبية، فيجعل حياتَه أكثر صعوبة، وتجنُّبَ الأشياء المتعلّقة بالفوبيا غيرُ كافٍ، ولا يؤدّي إلى التحسّن أبدًا، بل إذا كنتَ تعاني من أيّ نوع من أنواع الفوبيا فلتقم باستشارة الطبيب النفسي أو طبيب العائلة في أسرع وقت ممكن.

علاج التَّخوُّف المرضي:

والخبرُ السارُّ هو أن علاج جميع أنواع التَّخوُّف المرضي موجودة تقريبًا بحمد الله تعالى، التَّخوُّف المرضي المحدَّد أو البسيط يُعالَج بالتعرُّض المتدرِّج (Graded exposure)، في هذا العلاج يتمُّ نقل المريض تدريجيًّا إلى انخفاض الخوف بدءًا من المواقف شديدة الخوف إلى أقلّ منها، حتى تختفي مخاوفُه تمامًا، فتُسمّى هذه الطريقة بـ"التحصين التدريجي (Desensitization) أو العلاج النفسيّ الذاتيّ (Self-exposure therapy)"، عادة يقوم المريضُ بهذا العلاج مع مُعالج نفسيّ (Psychotherapist)، ولكن في بعض الحالات يمكن له أن يقوم بنفسه دون مساعدة أيّ شخص، تتوفَّر لهذا الغرضِ أنواعٌ مختلفةٌ من برامج المساعدة الذاتية (Self-help programs)، ولكن لا ينبغي للمريض أن يُعالج نفسَه دون استشارة الطبيب.

أما التَّخوُّف المرضي المعقَّد فيستغرق علاجُه وقتًا أطول بالنسبة إلى التَّخوُّف المرضي المحدَّد أو البسيط، وعادةً يتضمن استشارةَ الطبيب والعلاجَ النفسي والعلاج المعرفي السلوكي (Cognitive behavioral Therapy)، وفي علاج الفوبيا لا تستخدم الأدويةُ عادة، ولكن إذا كان المريضُ مصابًا بالقلق الشديد والاضطراب النفسي، يصِفُ له الطبيبُ الدواءَ لفترة معينة من الوقت لتقليل القلق.

نسأل الله تعالى أن يحفظنا من جميع أنواع المخاوف والرُّهاب والتَّخوُّف المرضي، ويُوفِّقنا لإيصال رسالة الإسلام إلى الأمة أجمع. آمين.


#مركز_الدعوة_الاسلامية
#مركز_الدعوة_الإسلامية
#الدعوة_الإسلامية
#مجلة_نفحات_المدينة
#نفحات_المدينة

تعليقات



رمز الحماية