مدونات مختارة
الأكثر شهرة
شخص ذو وجهين | السيد سمر الهدى اليمني المدني
قال النبي ﷺ:
تجد من شرّ النّاس يوم القيامة عند الله ذا الوَجْهَيْنِ، الذي يأتي هؤلاء بوَجْهٍ، وهؤلاء بوَجْهٍ
المراد بذي الوجهين:
ليس المراد بذي الوجهين هنا الحقيقة بل هو مجاز عن الجهتين كالمدحة في الوجه والمذمة في الغياب أو إظهار الصداقة أمام الآخر والعداوة من ورائه، أو أنه يأتي شخصٌ لطرفين بينهما شجار ونزاع فيذكر لكل طرف ما يوافقه ويرضيه ويُظهر له أنه صديقه
لماذا يُذمّ ذو الوجهين؟
وقد ذكر الشارحون في إدانة ذي الوجهين "السَّبَبَيْنِ التاليين":
(1) إنَّما كان ذو الوجهين "شرَّ الناس"؛ لأنَّ حاله حال المنافقين، إذ هو متملّق بالباطل والكذب، يدخل الفساد بين الناس، والشرور، والتقاطع، والعداوة، والبغضاء
(2) ولأنه يأتي كل طائفة بما يرضيها خيرًا كان أو شرًّا، ويُظهِر لكل أحد من أهل الباطل وغيره رضاه لفعلهم وحالهم وهذه هي المداهنة المحرّمة
لا يُخلّ ذو الوجهين من خلال أفعاله بميزان المجتمع فحسب، بل أمثال هؤلاء يخرّبون دنياهم وآخرتهم بأنفسهم، وإليك بعض مفاسد ذلك الفعل وآثاره السلبيّة:
(1) يحتوي ذلك الخلق السيء في الواقع على معاصٍ كثيرة مثل الكذب، والغيبة، والنميمة، والبهتان، والخداع وما إلى ذلك.
(2) فاعله يصير مَمْقوتًا مكروهًا عند الله تعالى وعند عباده أيضًا.
(3) يتسبّب ذلك في حدوث فساد في المجتمع وفرقة بين الناس.
(4) مثل هذا الشخص سيعاقب في الآخرة، فقد قال رسول الله ﷺ:
مَن كان له لِسانانِ في الدّنيا جعل الله له لِسانَيْنِ من نارٍ يومَ القيامةِ
(5) ذلك الفعل أشدّ خطورة من القتل لأحد؛ لأنه بالقتل يموت شخص واحد فقط؛ في حين أن ذلك يسلب الكثير من الناس راحتهم وهناءهم.
(6) سيأتي زمان ينكشف فيه نفاق ذي الوجهين للطرفين، ومهما كانا يتعاملان مع بعضهما البعض بحبّ متبادل، فإن صاحب الوجهين سيصبح ذليلاً.
جزء كبير من دعوة رسول الله ﷺ إلى دين الله تعالى كان يتضمّن الجهود المبذولة بقوة من أجل خَلْق عواطف الحبّ المتبادل والمناصحة لتطوير العلاقات بين الناس ونزع مشاعر الكراهية من جذورها.
قال رسول الله ﷺ وهو يوصي أنسًا رضي الله تعالى عنه:
يا بُنَيَّ! إن قدرتَ أن تُصبحَ وتُمسيَ وليس في قلبِك غِشٌّ لأحدٍ فافعلْ، ثم قال لي: يا بُنَيَّ! وذلك من سُنَّتي، ومن أحيا سُنَّتي فقد أحبَّني، ومن أحبَّني كان معي في الجنّةِ
تبيّن لنا من هذا أنّ رِضى رسول الله ﷺ في أن تظلّ الأمة موحّدة، وأن يكون معيار الحبّ والبغض قائمًا على أساس رضى الله ورسوله ﷺ، فكيف بمن قال: "لا إله إلا الله" صادقًا من قلبه أن يفرّق وحدة الأمة الإسلامية، فإنه يستحقّ الذلّ في الدنيا والآخرة؟ ولكن مع الأسف أصبح هذا الفعل شائعًا جدًّا في المجتمع، ووقع فيه عدد كبير من الرجال والنساء وكبار السنّ والشباب، ولذلك تحدث الاضطرابات، ويقع الناس في كراهية بعضهم البعض، وتحصل شتى ألوان الفساد في المجتمع.
نسأل الله أن يطهّر قلوبنا جميعًا من البغض والحسد لإخوتنا المسلمين، وأن يحفظنا من كل ما يستوجب إثارة الفرقة والانقسام بين الأمة.
علمًا أنّ الشخص الذي يكون وصفه بـ"ذي الوجهين"، هو ذلك الشخص الذي كان غرضه "الفوضى" و"التفرقة بين المسلمين"، وأما الذي يقوم بصورة الفعل التي يقوم به ذوو الوجهين لكن للإصلاح والدعوة إلى المحبّة ومحو الفرقة فلا يدخل تحت هذا الوعيد، بل هو محمود ومطلوب شرعًا، قال رسول الله ﷺ:
ليس الكذّابُ الّذي يُصلِح بين النّاس، فيَنمي خيرًا أو يقولُ خيرًا
قال الإمام النووي رحمه الله: فإن أتى كل طائفة بالإصلاح ونحوه فمحمود
نسأل الله تعالى يوفّقنا لمقام الإخلاص والمحبوبية وأن يحفظنا ويحفظ جميع المسلمين من النفاق. آمين بجاه خاتم النّبيّين ﷺ.
#مركز_الدعوة_الاسلامية
#مركز_الدعوة_الإسلامية
#الدعوة_الإسلامية
#مجلة_نفحات_المدينة
#نفحات_المدينة
تعليقات