كيف أكون داعية ناجحًا؟ | عبد الله المدني


نشرت: يوم الخميس،27-يوليو-2023

كيف أكون داعية ناجحًا؟

الدعوة إلى الله تعالى هي من أشرف وأنبل المهام على وجه الأرض؛ لأنها منهج الأنبياء والرسل الكرام -عليهم الصلاة والسلام-، وطريق أتباعهم من الدعاة والعلماء والمشايخ الصوفية الأشاعرة والماتريدية، وهي من أهم الواجبات على المسلمين عمومًا وعلى العلماء والدُّعاة خصوصًا، ليقوموا بواجب هذه المهمة في بيوتهم ومساجدهم ومراكزهم وطرقاتهم ومناطقهم وبلادهم وما إلى ذلك..

فالدعوة إلى الله تعالى مطلوبة في كل مكان، والأمة كلها من أولها إلى آخرها بحاجة ماسة إليها، وذلك لما لها من أثر قويّ في تحسين أحوال الناس الأسرية والاجتماعية، واستقامة معاملاتهم، وتهذيب أخلاقهم وسلوكياتهم، وتطهير قلوبهم وتزكية نفوسهم، وهي أساس من أسس انتشار الإسلام في العالم، وهي وسيلة من الوسائل المهمة لإصلاح الفرد والمجتمع، وفي الحقيقة أنها جزء أساسيّ للتصوف الإسلامي السني..

ونظرًا لأهمية هذه المهمة العظيمة، وحتى تؤتي ثمارها اليانعة ويرى الداعية آثارها ونتائجها الإيجابية؛ فإن القائم بها يحتاج إلى التحلّي بصفات وآداب أساسية، ويحتاج بعض الأمور المهمّة التي تجعل دعوته فعالة في المجتمع ومؤثرة في الناس، لذلك سأحاول في هذه السطور القليلة شرح كل هذه العناصر المهمة بشكل مبسَّط وشامل، فكن حريصًا أيها القارئ العزيز على قراءة المقال كاملًا لتكون من ضمن الذين قال الله تعالى فيهم:

وَلۡتَكُن مِّنكُمۡ أُمَّةٞ يَدۡعُونَ إِلَى ٱلۡخَيۡرِ وَيَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِۚ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ١٠٤

أولاً: صفات ينبغي أن يتحلّى بها الداعية:

هناك العديد من الصفات التي يجب أن تتوفّر في الداعية المسلم الناجح، ومن بينها:

الإخلاص والصدق: يجب أن يكون الداعية صالحًا تقيًّا ورعًا، مخلصًا في دعوته، صادقًا فيما يقول ويدعو إليه، فلا يبتغي بعمله الرياءَ أو السمعةَ أو ثناءَ الناس، وإنّما يبتغي رضا الله تعالى فقط.

المعرفة الشرعية والثقافية: يجب أن يكون الداعية ملمًّا بالمعرفة الشرعية والثقافية، وأن يمتلك المعلومات المهمّة في الدين وثقافة الشعوب المختلفة، وذلك ليكون الداعية إلى الله تعالى قادرًا على محاورة الجميع وإقناعهم بالحجج والبراهين المناسبة.

الحكمة والرفق: يجب أن يكون الداعية حكيمًا في كلامه وأفعاله وتصرفاته، وأن يتعامل مع الناس برفق وحلم، وأن يدعو المستمعين في الوقت المناسب والمكان المناسب وبالطريقة المناسبة.

القدرة على التواصل والتأثير: يجب على الداعية إلى الله تعالى أن يكون متمكنًا من فنِّ إلقاء الكلام، وقادرًا على التواصل مع الناس والتأثير فيهم، وأن يتقن فنّ التحدث بحكمة وفطنة، ليمكنه إيصال رسائل دعوية وتوجيهية بأسلوب سهل يفهمه الناس ويقتنعون به.

الصبر والاستمرار: يجب أن يكون الداعية صبورًا ومثابرًا في دعوته، وأن يستمر في جهوده بالهدوء واللين والمصابرة ليتحقق النجاح، وأن يبتعد عن الغضب أو الإكراه في الدين حتى لو رفضت دعوته وقوبلت بالمحاربة.

الإعداد والتدريب: يجب أن يكون الداعية مستعدًّا ومتدربًّا على التعامل والتفاعل بشكل فعّال مع الجماهير التي يخاطبها، ويجب أن يتدرب على الخطابة والتواصل بطرق مختلفة مثل الكلام العلني والنقاش والحوار.

ثانيًا: العوامل والاحتياجات لتحقيق النجاح في الدعوة:

تحقيق النجاح في مجال الدعوة يتطلّب العديد من الاحتياجات والعوامل، ومن بينها:

o الإيمان العميق والاتصال الوثيق بالله تعالى: فإنه أساس يقوم عليه كل داعية.

o المعرفة الواسعة: في الدين الإسلامي وتعاليمه وأحكامه، وخاصة في التحديات المستحدثة والمشاكل المعاصرة.

o الإلمام باللغة المحلّية: ليكون قادرًا على استخدام اللغة بطريقة صحيحة، وحتى يكون أسلوبه واضحًا ومفهومًا.

o الأخلاق الحميدة: وهي من أهم الاحتياجات التي يجب عليه أن يتحلى بها، لتكون شخصيته مؤثرة ومحبَّبة لدى المدعوين.

o التفكير الإيجابي: فإنه يساعده على تحويل الصعوبات والإخفاقات إلى فرص للتحسين والتعلم والتطوير والنجاح.

o العمل الجادّ: فإنه عامل أساسي ومهمّ في تعميق أثر الدعوة في نفوس المدعوين.

ثالثًا: نصائح مهمّة لتحسين ثقافة الداعية وتطوير مستواه الدعوي:

لكي يتمكن الداعية من تحسين نفسه والارتقاء في مستواه الدعوي، يمكنه اتباع النصائح التالية:

* الاستمرار في العلم والتعلّم: ليتمكن من تحصيل المعلومات الجديدة والاطلاع على المصادر العلمية المتاحة له.

* تنمية مهارات الاتصال: ليكون مؤهَّلاً لإيصال رسالة الإسلام بأسلوب مؤثر وبشكل فعّال.

* التدريب العملي: ليزداد رغبة في الانخراط في الأنشطة الدعوية والدورات التدريبية المختلفة حول فن الخطابة والتواصل الفعّال.

* الاستعانة بالمرشدين والمشايخ: ليستفيد من نصائحهم وخبراتهم ويتمكن من تحسين مهاراته في عمل الدعوة.

* الاهتمام بالنفس والصحة النفسية: من خلال ممارسة الرياضة والتغذية الصحية والحفاظ على التوازن النفسي.

رابعًا: الأساليب التي تزيد في فعالية الدعوة وتأثيرها:

يمكن للداعية أن يجعل دعوته فعّالة وناجحة من خلال اتباع بعض الإرشادات والأساليب الفعّالة، ومنها:

- محبة الآخرين والحرص على نفعهم: ينبغي أن يكون لدى الداعية حُبٌّ ورحمةٌ للناس، ويحرصَ على نفعهم وتحسين حياتهم، فيحبّ لهم الخير، ويبذل جهده في إيصاله إليهم، ويحرص على هدايتهم إلى الإيمان ومقتضياته، ويكره لهم الشرّ ويسعى ويبذل جهده في تنفيرهم عنه.

- الإلمام بالموضوع: يجب أن يكون الداعية على درايةٍ واسعةٍ بالموضوع الذي يدعو إليه، وأن تكون لديه معرفةٌ بالأدلة والحجج القوية التي تدعم دعوته وتجعلها قوية ومؤثرة، وأن يتابع آخر المستجدّات والأبحاث المتعلقة بالموضوع الذي يتحدث إليهم حوله.

- التوافق والالتزام بين القول والعمل: يجب على الداعية الالتزام بين ما يقوله وما يفعله، وأن يكون قدوةً حسنةً للناس، وأن يعيش بما يدعو إليه، وأن يكون صادقًا في أفعاله وأقواله وتصرفاته، ليكون محل الاحترام والتقدير والقبول لدى الصغير والكبير.

- التواصل والتفاعل مع الجمهور: يجب أن يتواصل الداعية مع جمهوره بشكل فعّال ودائم، وأن يفهم احتياجاتهم ومشاكلهم واهتماماتهم ويتعامل معهم بأسلوبٍ حنونٍ ومتفهّم، وأن يظهر لهم الابتسامة والبشاشة أثناء الدعوة وأن يصافحهم ويسلّم عليهم.

- مراعاة أحوال المدعوين: يجب أن يتعامل الداعية مع المدعوين بطريقة محترمة وحضارية مع مراعاة أحوالهم ومستواهم العقلي والثقافي، وذلك من خلال اختيار موضوع يهمّهم ويناسب حالهم، واستخدام لغة سهلة وواضحة، وأن يجعل أسلوبه متنوعًا بين الحكمة والموعظة الحسنة والقصص والأمثال المعبّرة.

- حسن السمت والمظهر: ينبغي على الداعية أن يهتمّ بمظهره وسمته، وأن يكون لبقًا ومهذبًا في تعامله مع الناس، وأن يرتدي الملابس المناسبة للمكان والثقافة الدينية الشائعة بين المدعوين، وأن يحرص على الطهارة والنظافة وحسن المظهر العام.

رسالة إلى كل شاب مسلم:

أيها الشاب الغالي! الدعوة ليست مسؤولية العلماء والدعاة فحسب، بل هي واجبة على كل مسلم، فكل منا داعية على قدر علمه واستطاعته، ولا ينبغي لمسلم أن يتقاعس عن أمر الدعوة إلى الله تعالى.

وقد رغب الله تعالى المؤمنين في الدعوة إلى الخير فقال:

وَلۡتَكُن مِّنكُمۡ أُمَّةٞ يَدۡعُونَ إِلَى ٱلۡخَيۡرِ وَيَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِۚ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ١٠٤

وكذلك حمل سيدنا رسول الله ﷺ بمسؤولية الدعوة إلى كلّ منا أيضًا حيث قال ﷺ:

"بلّغوا عني ولو آية"

يتضح الأمر جليًّا أن كل واحدٍ منا داعية لدين الله عزَّ وجلَّ، ويجب عليه أن يأمر الناس بالمعروف وينهاهم عن المنكر، وهذا ما أوجبته علينا الشريعة الإسلامية حسب مراتبنا.

فيا أخي الشاب! انضمّ إلى قافلةٍ تنتسب إلى خير أمة أُخرِجت للناس، شرَّفها الله تعالى بمهمة الدعوة وجعل أصحابها من أتباع سيدنا محمد ﷺ، وكن داعيًا إلى الخير حيثما كنت بقولك وفعلك وعملك، ابتغاء وجه الله تعالى، واحتسابًا للأجر والثواب منه، وليكن ذلك ديدنك مع كل من لاقيت أو حدَّثت أو عرفت من إخوتك المؤمنين، وليكن حرصك على تبليغهم الحق بما يمكنك وما تقدر عليه من الوسائل والأساليب المتاحة لك، ولو كانت بسيطةً في نظرك فإنها بلا شك عظيمة القدر عند الله تعالى، لقول الحبيب ﷺ:

"والله! لأن يهديَ اللّه بك رجلاً واحدًا، خيرٌ لك من أن يكون لك حُمْرُ النَّعَمِ"

محطة ممتازة لإعداد الدعاة والعلماء:

أيها القارئ العزيز! لكي تصبح داعية ناجحًا قم بتطبيق جميع الخطوات والأساليب المذكورة أعلاه بعناية تامّة، وإذا كنت ترغب في ممارستها في حياتك العملية وبطريقة سهلة وميسرة؛ فإن بيئة مركزنا المبارك مركز الدعوة الإسلامية مواتية لك للغاية، حيث يتم توفير العديد من الدورات التدريبية المختلفة بشكل منتظم لإعداد الدعاة والعلماء وتثقيفهم وتربيتهم تربية مثالية صالحة، كما يمنح المركز الدعاة الجدُد فرصًا طيّبة في مزاولة الأنشطة الدعوية عمليًّا في مجالات مختلفة ومتنوّعة، ليتمكّنوا من تطوير مهاراتهم وقدراتهم ومستواهم الدعوي والمعرفي، وليكونوا في عداد قائمة الدعاة الناجحين، فيمكنك الانضمام إلى هذا الصرح الدعوي العظيم.

أسأل الله تعالى أن يوفقنا لإصلاح أنفسنا وإصلاح أهلنا وأقاربنا وجميع أناس العالم من خلال نشر الدعوة إلى الخير والهدى، ويجعلنا من الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ولا يخافون في الله لومة لائم، إنه سميع قريب.

للانضمام معنا


#مركز_الدعوة_الاسلامية
#مركز_الدعوة_الإسلامية
#الدعوة_الإسلامية
#مجلة_نفحات_المدينة
#نفحات_المدينة

تعليقات



رمز الحماية