كرامة المسلم عند الله تعالى | الشيخ محمد عمران العطاري


نشرت: يوم الجمعة،22-أغسطس-2025

كرامة المسلم عند الله تعالى

هذا المقال من مجلة نفحات المدينة: 18

إنّ مقام المسلم أعظم عند اللهِ من الكعبة المشرفة لكننا نعيش في زمن ساءت فيه الأحوال للغاية، حتى أن بعض المسلمين يستمرون في انتهاك حرمة أخيهم المسلم، وتشويه سمعته، وإهانته أمام الناس مع أنهم مسؤولون عن تكريمه ونصرته.

عن عبد الله بن عمر قَالَ:

رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَطُوفُ بِالْكَعبَةِ وَيَقُولُ: "مَا أَطْيَبَكِ وَأَطْيَبَ رِيحَكِ، مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بَيَدِهَ! لَحُرْمَةُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ الله حُرْمَةً مِنْكِ ماله ودمه وإن يظن به إلا خيرًا" ((ابن ماجه: 3932)).

وقال رسول الله ﷺ:

"كسر عظم المؤمن ميتا ككسره حيا" ( أبو داود: 3207).

للمسلم مكانة عظيمة عند الله، وحقوقه مقدسة

(هذه بعض الإفادات القيمة في هذا الصدد التي ذكرها رئيس مجلس الشورى محمد عمران العطاري حفظه الله في محاضرته.):

1) من تعليمات النبيّ ﷺأن يُقدّر المسلمُ أخاه المسلم، سواء كان غنيًّا أو فقيرًا، فقلبه معمور بنور الإيمان، والإيمان هو الكنز الحقيقي الذي لا يعطيه الله تعالى إلا من اختاره من عباده.

2) كل مؤمن ذو شرف وكرامة، ولا يجوز تحقير أي طائفة من المسلمين، أو الحط من قدرها.

3) عظمة المؤمن آتية من إيمانه وأعماله الصالحة، لا من كثرة أمواله.

4) كرامةُ المؤمنِ باقية على الدوام، ولا تزول بموته، ولذلك تُكرم جثتُه، ويحترم قبرُه.

5) من احتقر مؤمنًا فقد احتقر نفسه وأهانها عند الله تعالى

(روى سيدنا علي رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: من استذل مؤمنًا أو مؤمنة أو حقره لفقره وقلة ذات يده شهره الله يوم القيامة ثم فضحه. (مسند الفردوس بمأثور الخطاب للديلمي: 5904)(تنزيه الشريعة المرفوعة: 125)).

6) المسلم وإن كان فقيرًا ومسكينًا فهو ذو شرف بإيمانه.

7) السواك الذي استخدمه المسلم يُستحب أن يدفن، أو يحفظ في مكان آمن، ولا ينبغي رميه في أي مكان، والحكمة في ذلك أنه آلةُ أداء سنة رسول الله ﷺ، فلم يعد خشبًا عاديًا، بل أصبح خشبًا خاصًا، ولذا يستحق التكريم.

8) من أسباب تكريم السواك أيضًا أنه قد لامس لعاب المسلم، ولعابه طاهر، ولذا يدفن السواك بعد استخدامه أو يحفظ في مكان آمن صيانة لريق المسلم من المهانة.

9) يمنع البصق في دورة المياه؛ فإن لعاب المسلم طاهر، ودورة المياه موضع نجاسة، ولا ينبغي إلقاء الأشياء الطاهرة في المكان النجس.

10) يجب علينا أن نحمل الحب والحنان في قلوبنا لإخواننا في الدين، فإن القرآن الكريم قال:

إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ([الحجرات: 10]).

11) وعلينا أن ننقي صدورنا من الضغينة والحقد تجاه المسلمين؛ فإن الحقد عليهم ضرره شديد، ويسبب الحرمان من رحمة الله تعالى كما قال رسول الله ﷺ:

"إِنَّ ‌الله ‌تَعَالى ‌يَطَّلِعُ ‌عَلَى ‌عِبَادِه في لَيلَةِ النِّصْفِ مِنَ شَعْبَانَ، فَيَغْفِرُ لِلمُسْتَغْفِرِينَ، وَيرْحَمُ المُسْتَرْحِمينَ، وَيُؤَخِّرُ أهْلَ الحِقْدِ كَما هُم" ((شعب الإيمان: 3/383، (3835))).

وقال أيضا:

"دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الأُمَمِ قَبْلَكُمْ: الحَسَدُ وَالبَغْضَاءُ، هِيَ الحَالِقَةُ، لاَ أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعَرَ وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ" ((سنن الترمذي: 4/228، (2518))).

12) في حديث:

"مَنْ أَمْسَكَ بِرِكَابِ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ (تكريمًا له)، لَا يَرْجُوهُ وَلَا يَخَافُهُ (أي: يكون هذا العمل خالصًا لوجه الله تعالى)، غَفَرَ اللَّهُ لَهُ" ((المعجم الأوسط للطبراني: 1/287، (1012))).

13) كثير من مجالسنا مبنية على الغيبة والنميمة للآخرين، ولا يكون فيها ما يتحدث به إلا عن معايب الآخرين، فإن قرر أصحابها الكف عن هذا الأمر في المستقبل لا يجدون لذلك سبيلاً، ولن يجدوا ما يتحدثون فيه، فيجلسون صامتين؛ لأن الحديث بينهم كان يدور دائمًا حول عيوب الآخرين، وقد اعتادوا على ذلك، ولذا تدعو الحاجة إلى أن نجعل مجالسنا منتديات للخير والكلمة الطيبة، ونعود أنفسنا على الحديث الطيب، وذكر محاسن الآخرين.

14) قد يتزين المرء بمظاهر الصلاح، ويبدو عليه أثر العبادة، ولكن لا يعني ذلك أنه بعيد عن الغيبة، والوقوع في أعراض الناس؛ فهناك كثير من الناس من السالكين وقد نعتبرهم من الصالحين لكنهم يقعون في الغيبة والنميمة، ولا يسلم من هذه المعصية إلا من عصمه الله منها ووفقه للخير.

15) قلّما تكون الغيبة بدافع إصلاح صاحبه، بل تهدف غالبا إلى النيل من عرضه وذكره بالسوء.

16) من ذكر أخاه بسوء موجود فيه فقد اغتابه، وإن اختلق عليه ما ليس فيه فقد بهته، فيضاعف الوزر على نفسه بالكذب عليه.

17) نحن مسلمون تبعٌ لهذ الإسلام والدين، وكلّفنا الإسلام بحماية كرامة المسلم، وكرامته أمانة في أعناقنا.

18) فعلينا أن نكرم المسلم بأنفسنا أولًا، ثم نحرص على صون كرامته أيضًا، وعلى سبيل المثال إذا رأينا أحدًا يغتاب مسلمًا أو يستهزئ به؛ فعلينا أن ننصحه ونمنعه عن ذلك الإثم، ونَذُبّ عن كرامة الأخ المسلم، قال رسول الله ﷺ:

"من ذبّ عن عرض أخيه بالمغيب كان حقًا على الله عز وجل أن يعتقه من النار ((المعجم الكبير للطبراني: 24/176، (443))).

تعليقات



رمز الحماية