مدونات مختارة
الأكثر شهرة
فضل العشر الأواخر من شهر رمضان وخصائصها | الشيخ علاء زيات
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، أما بعد:
فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم
إن للعشر الأواخر من رمضان أهمية خاصة عند الحبيب المصطفى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، ولهم فيها اهتمام شديد، فقد كانوا أشد ما يكونون حرصاً فيها على الطاعة، والعبادة والقيام والذكر.
فقد ورد في الصحيحين أن الحبيب صلى الله تعالى عليه وآله وسلم كان إذا دخل العشر شد المئزر، والمعنى: أنه يعتزل النساء في هذه العشر ويتفرغ للعبادة والطاعة، فينبغي على المسلم الاقتداء به صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، فإنه هو الأسوة والقدوة، وألا يضيّع ساعات هذه الأيام والليالي، فإن المرء لا يدري لعله لا يدركها مرة أخرى باختطاف هادم اللذات.
ومن فضائل هذه الليالي العشر ومزاياها أن فيها ليلة القدر، قال سبحانه وتعالى في محكم تنزيله:
﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5) ﴾
وقال عز وجل:
﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ ﴾
وهذا من أعظم فضائل هذه الليالي: أن الله سبحانه وتعالى أنزل فيها هذا النور المبين فأخرج به الناس من الظلمات إلى النور، ومن الضلالة إلى الهدى والإيمان، وهذا القرآن العظيم شفاءٌ وهدىً ورحمةٌ للمؤمنين، وموعظة وشفاء لما في الصدور.
اعتكاف العشر الأواخر:
من خصائص العشر الأواخر سنة الاعتكاف فيها، ومعنى الاعتكاف: لزوم أحد المساجد للتفرغ لطاعة الله تعالى وعبادته، وعَرَّفَه بعض العلماء بقوله: "فمعنى الاعتكاف وحقيقته: قطع العلائق عن الخلائق للاتصال بخدمة الخالق" وهو ثابت عن الحبيب المصطفى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم:
فعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها:
"أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده"
وعن عثمان بن عطاء عن أبيه قال:
"إنَّ مثل المعتكف مثل المُحْرم ألقى نفسه بين يدَي الرحمن فقال: والله لا أبرح حتى ترحمني"
عن عائشة رضيَ الله عنها قالت:
"كان النَّبيُّ صَلَّى الله عليه وسَلَّم إذا دخل العشر شدَّ مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله"
قال ابن حجر في "فتح الباري": "وصَرَّحَ به في حديث علي عند بن أبي شيبة والبيهقي من طريق عاصم بن ضمرة عنه قوله: (شد مئزره)؛ أي اعتزال النساء، وبذلك جزم عبدالرزاق عن الثوري واستشهد بقول الشاعر:
قَوْمٌ إِذَا حَارَبُوا شَدُّوا مَآزِرَهُم عَنِ النِّسَاءِ وَلَوْ بَاتَتْ بِأَطْهَارِ
ليلة القدر:
مضت سنة الله سبحانه وتعالى في خلقه أن يختار ما يشاء، قال تعالى:
﴿ وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ﴾
فاختار من بين الشهور شهر رمضان، ومن بين الليالي ليالي العشر الأواخر، ومن هذه بين الليالي المفضلة ليلة القدر.
قال الله تعالى في محكم تنزيله:
﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5) ﴾
وفي إحياء هذه الليلة أجر عظيم من الله تعالى، وتكفير للذنوب، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال:
((من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفِر له ما تقدم من ذنبه))
ولذلك كانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها حريصة على اغتنامها فسألت الحبيب صلى الله تعالى عليه وآله وسلم عن دعاء تلتزمه فيها إن أدركتها، تقول رضي الله عنها:
((قلت: يا رسول الله... أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر، ماذا أقول فيها؟ قال: قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني))
ومن هنا كان لمركز الدعوة الإسلامية الاهتمام الكبير بهذه الأيام والليالي، فبحمد الله تعالى يعقد الاعتكاف الجماعي الكبير في مسجد "فيضان مدينة" في كراتشي تحت إشرافه، من أول يوم في رمضان حتى آخره، ويقوم المركز بتنظيم أمور الاعتكاف كاملة:
- تنظيم أمور من الطعام والشراب والمبيت للمعتكفين.
- تنظيم جدول النشاطات الدينية: الصلاة والدعاء والذكر والأناشيد والدروس...
- تعليم أحكام الطهارة والصلاة.
- توفير كادر طبي متخصص لمعالجة المرضى في الاعتكاف.
لهذا ندعوكم إلى الاعتكاف معنا في مركز الدعوة الإسلامية، حتى تلتمسوا معنا تلك البركات والنفحات العطرة، خاصة بحضور مؤسس المركز فضيلة الشيخ محمد إلياس العطار القادري حفظه الله تعالى.
نسأل الله تعالى أن يبلغنا ليلة القدر، ويكتبنا فيها من عتقائه من النار، ويتقبل منا ومنكم الصيام والقيام وصالح الأعمال، وصلى الله تعالى على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.
تعليقات