فإن البغي من فساد أنفسكم وليس ينبغي للمطبب ان يداوي المرضى بما يبرئهم ويمرضه فإنه إذا مرض اشتغل بمرضه عن مداواتهم ولكن ينبغي ان يلتمس لنفسه الصحة ليقوى به على علاج المرضى فليكن أمركم فيما تنكرون على إخوانكم نظرا منكم لأنفسكم ونصيحة منكم لربكم وشفقة منكم على إخوانكم وان تكونوا مع ذلك بعيوب أنفسكم أعنا منكم بعيوب غيركم وان يستفطم بعضكم بعضا النصيحة وان يحظى عندكم من بذلها لكم وقبلها منكم وقد قال عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه رحم الله من أهدى إلي عيوبي تحبون ان تقولوا فيحتمل لكم وان قيل لكم مثل الذي قلتم غضبتم تجدون على الناس فيما تنكرون من أمورهم وتأتون مثل ذلك أفلا تحبون أن يؤخذ عليكم اتهموا رأيكم ورأي أهل زمانكم وتثبتوا قبل ان تكلموا وتعلموا قبل ان تعملوا فإنه يأتي زمان يشتبه فيه الحق والباطل ويكون المعروف فيه منكرا والمنكر فيه معروفا فمنكم مقترب إلى الله بما يباعده ومتحبب إليه بما يبغضه عليه قال الله تعالى { أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا } الآية فعليكم بالوقوف عند الشبهات حتى يبرز لكم واضح الحق بالبينة فإن الداخل فيما لا يعلم بغير علم آثم ومن نظر لله نظر الله له عليكم بالقرآن فأتموا به وأموا به وعليكم بطلب أثر الماضين فيه ولو ان الأحبار والرهبان لم يتقوا زوال مراتبهم وفساد منزلتهم بإقامة الكتاب وتبيانه ما حرفوه ولا كتموه ولكنهم لما خالفوا الكتاب بأعمالهم التمسوا ان يخدعوا قومهم عما صنعوا مخافة ان تفسد منازلهم وان يتبين للناس فسادهم فحرفوا الكتاب بالتفسير وما لم يستطيعوا تحريفه كتموه فسكتوا عن صنيع أنفسهم إبقاء على منازلهم وسكتوا عما صنع قومهم مصانعة لهم وقد أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب ليبيننه للناس ولا يكتمونه بل مالوا عليه ورفقوا لهم فيه
كتاب الطهارة
باب فرض الوضوء والصلاة
[ 650 ] أخبرنا علي بن عبد الحميد ثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس بن مالك قال لما نهينا أن نبتديء النبي صلى الله عليه وسلم كان يعجبنا ان يقدم البدوي والأعرابي العاقل فيسأل النبي صلى الله عليه وسلم ونحن عنده فبينا نحن كذلك إذ جاء أعرابي فجثا بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد ان رسولك أتانا فزعم لنا انك تزعم ان الله أرسلك فقال النبي صلى الله عليه وسلم صدق قال فبالذي رفع السماء وبسط الأرض ونصب الجبال آلله أرسلك فقال