خَرَجَتْ أكفانُهم من عند القَصَّارِ، وهم غافلون عنها، فجاءَتْهم الآجالُ، وخَذَلَتْهم الآمال، فأَصبَحوا في ظُلُمات القبُور وأَصْبَحَتْ أَصواتُهم هامِدةً، خامِدةً من بعد طُولِ تَقَلُّبِها، وأَجسادُهم بالِيةً وديارُهم خالِيةً وآثارُهم عافِيةً، هذه الحكايةُ مَليئَةٌ بِالعِبرة والموعظة، فالعَجَبُ لمن يَعلَم أنّ الحياة الدنيا زائِلةٌ وفانِيةٌ ومَتاعُ الغُرور، فكيف يَنْكَبُّ عليها مع نسيانِ الموتِ نسيانًا كاملاً ؟ وهذا الخبرُ ممَّا يُنَبِّه على الْحَذَر من غرُور الدنيا وقد قال الله تعالى:
﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِٱللَّهِ ٱلۡغَرُورُ ﴾[فاطر: ٣٥/٥]. وَاتَّخَذَ سيِّدنا نوحٌ عليه السلام بَيتًا من جِصٍّ، فقيل: لو بَنَيْتَ ما هو أحسَنُ مِن هذا، قال: هذا كثيرٌ لمن يَموت[1].ولكن مع الأَسَف