لعدَم غَنائه ولْتُسَمَّ عِناديّةً, ومنها التهكميّة والتمليحيّة وهما ما استعمل في ضدّه أو نقيضه لما مرّ نحو: ﴿ فَبَشِّرۡهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [آل عمران:٢١], وباعتبار الجامع قسمان لأنه إمّا داخل في مفهوم الطرفين نحو: كُلَّمَا سَمِعَ هَيْعَةً طَارَ إِلَيْهَا¼ فإنّ الجامع بين العَدْو والطيران هو قطع المسافة بسرعة وهو داخل فيهما, وإمّا غير داخل كما مرّ, وأيضًا إمّا عاميّة وهي المُبتذَلة لظهور الجامع فيها نحو: ½رأيت أسدًا يرمي¼, أو خاصيّة وهي الغريبة,.........................
وإنما يستعار المعدوم للموجود (لعدَم غَنائه) أي: لعدم فائدة الموجود فهو كالمعدوم (ولْتُسَمَّ) هذه الاستعارة التي لا يمكن اجتماع طرفيها في شيء (عِناديّةً) لعناد الطرفين وتنافيهما في الاجتماع (ومنها) أي: ومن الاستعارة العناديّة الاستعارة (التهكميّة) أي: ما كان الغرض منها الهزؤ والسخريّة بالمستعار له (و) منها الاستعارة (التمليحيّة) أي: ما كان الغرض منها إيراد القبيح بصورة شيء مليح للاستظراف (وهما) أي: التهكّميّة والتمليحيّة (ما استعمل) أي: استعارة استعملت (في ضدّه) أي: في ضدّ معناها الحقيقيّ (أو) استعملت في (نقيضه) أي: في نقيض معناها الحقيقيّ (لما مرّ) أي: بسبب ما مرّ في التشبيه من أنه ينزّل التضادّ أو التناقض منزلة التناسب بواسطة التهكّم أو التمليح فيطلق الكريم على البخيل والأسد على الجبان (نحو) قوله تعالى: (﴿فَبَشِّرۡهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾) أي: فأنذرهم, استعير لفظ البشارة للإنذار الذي هو ضدّه (و) الاستعارة (باعتبار الجامع) أي: ما قصد اجتماع الطرفين فيه ويسمّى في باب التشبيه وجهَ شبه وفي باب الاستعارة جامعًا (قسمان لأنه) أي: لأنّ الجامع (إمّا داخل في مفهوم الطرفين) أي: المستعار له والمستعار منه (نحو) قوله عليه الصلاة والسلام: ((خَيْرُ النَاسِ رَجُلٌ أَمْسَكَ بِعِنَانِ فَرَسِهِ)). أي: استعدّ للجهاد (كُلَّمَا سَمِعَ هَيْعَةً) أي: صيحة الجهاد (طَارَ) أي: عدا (إِلَيْهَا¼) فاستعير الطيران للعَدْو (فإنّ الجامع بين العَدْو) الذي هو المستعار له (والطيران) الذي هو المستعار منه (هو قطع المسافة بسرعة وهو داخل فيهما) أي: في العدو والطيران, وكذا قوله تعالى: ﴿ وَقَطَّعۡنَٰهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ أُمَمٗاۖ﴾ [الأعراف:١٦٨] أي: فرّقناهم, فاستعير التقطيع للتفريق والجامع بينهما وهو إزالة الاجتماع داخل فيهما (وإمّا غير داخل) في مفهوم الطرفين (كما مرّ) في استعارة الأسد للرجل الشجاع فإنّ الجامع وهو الجرأة خارج عن مفهوم كليهما (و) نعود (أيضًا) لتقسيم الاستعارة باعتبار الجامع تقسيمًا آخر فنقول الاستعارة (إمّا عاميّة) يدركها العامّة وتستعملها (وهي المُبتذَلة) لابتذال العامّة إيّاها وذلك (لظهور الجامع) بين الطرفين (فيها نحو ½رأيت أسدًا يرمي¼) و½وردت بحرًا يتكلّم¼ (أو خاصيّة) لا يدركها إلاّ الخاصّة (وهي الغريبة) أي: البعيدة عن العامّة وذلك لغرابة الجامع