عنوان الكتاب: تلخيص المفتاح

والغرابة قد تكون في نفس الشبه كما في قوله: وَإِذَا احْتَبَى قَرَبُوْسَهُ بِعِنَانِهِ * عَلَكَ الشَكِيْمَ إِلَى انْصِرَافِ الزَائِرِ, وقد تحصل بتصرّف في العاميّة كما في قوله: ½وَسَالَتْ بِأَعْنَاقِ الْمَطِيِّ الْأَبَاطِحُ¼؛ إذ أسند الفعلَ إلى الأباطح دون المطيّ وأدخل الأعناق في السير, وباعتبار الثلاثة ستـة أقـسام؛ لأنّ الطرفـيـن إن كانا حسيَّـيْنِ فالجامع إمّا حسيٌّ نحو: ﴿ فَأَخۡرَجَ لَهُمۡ عِجۡلٗا ﴾ [طه:٨٨], فإنّ المستعار منه ولدُ البقرة والمستعارَ له الحيوان الذي خلقه الله تعالى من حُلِيِّ القِبْطِ والجامع الشكل والجميع................................................

(والغرابة قد تكون في نفس الشبه) بأن يكون أصل الاستعارة تشبيهًا في وجهه غرابة (كما في قوله) أي: قول يزيد بن مسلمة بن عبد الملك (وَإِذَا احْتَبَى) الفرسُ وجَمَع (قَرَبُوْسَهُ) أي: مقدمَ سرجه (بِعِنَانِهِ * عَلَكَ الشَكِيْمَ) أي: حديدةَ فمِه (إِلَى انْصِرَافِ الزَائِرِ) أراد الشاعر بالزائر نفسه والأصل: ½إلى انصرافي¼, فاستعار الاحتباء وهو جمع الرجل ظهره وساقيه بثوب ممتدّ من ركبتيه إلى جانبي ظهره لوقوع العنان في قربوس السرج ممتدًّا إلى جانبي فم الفرس (وقد تحصل) الغرابة (بتصرّف في) الاستعارة (العاميّة) بأن يضمّ إليها شيء آخر لطيف (كما في قوله: ½وَسَالَتْ بِأَعْنَاقِ الْمَطِيِّ الْأَبَاطِحُ¼) جمع ½أبطح¼ وهو محلّ سيل الماء فيه, فاستعار سيل الماء لسير الإبل سيرًا سريعًا وهذه الاستعارة وإن كانت عاميّة لكن أضاف إليها تجوّزًا آخر أفاد اللطفَ (إذ أسند) الشاعر (الفعلَ) وهو ½سَالَتْ¼ (إلى الأباطح دون المطيّ) الذي حقّه أن يسند إليه, فأفاد هذا الإسناد أنّ الأباطح امتلأت من الإبل لأنّ نسبة الفعل الذي هو صفة الحالّ إلى المحلّ تشعر بشيوع الحالّ في المحلّ فلا يسند الجريان للنهر إلاّ إذا امتلأ النهر من الماء (وأدخل الأعناق في السير) أي: جَرَّها بباء الملابسة التي مرجعها إلى الإسناد فيكون السيل مسندًا للأعناق تقديرًا, ففي الكلام مجازان عقليّان لفظيّ وهو إسناد السيل إلى الأباطح وتقديريّ وهو إسناده إلى الأعناق فالبيت مشتمل على ثلاث مجازات أحدها مجاز بالاستعارة والآخران مجازان عقليّان فلمّا أن أضاف إلى الاستعارة هذين المجازين صارت الاستعارة غريبة (و) الاستعارة (باعتبار الثلاثة) أي: باعتبار المستعار منه والمستعار له والجامع (ستة أقسام لأنّ الطرفين إن كانا حسيَّيْنِ) أي: مدرَكَيْنِ بإحدى الحواسّ (فالجامع إمّا حسيٌّ نحو) قوله تعالى: (﴿عِجۡلٗا) أي: موسى السامريّ (“) أي: لبني إسرائيل (1) أي: جسدًا له خوار (فإنّ المستعار منه) هو (ولدُ البقرة والمستعارَ له) هو (الحيوان الذي خلقه الله تعالى من حُلِيِّ القِبْطِ) الحُلِيُّ جمع حَلْي والقِبْط قبيلة فرعون من أهل مصر (والجامع) بين الطرفين هو (الشكل) والخوار (والجميع) أي: وكلّ من المستعار منه والمستعار له والجامع


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

229