لأنّ المقدّر كالمذكور، وهو ضربان لأنه إمّا أن يُجعَل الفعل مطلقًا كنايةً عنه متعلِّقًا بمفعول مخصوص دلّت عليه قرينة أو لا, الثاني كقوله تعالى: ﴿ قُلۡ هَلۡ يَسۡتَوِي ٱلَّذِينَ يَعۡلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَۗ﴾ [الزمر:٩]، السكّاكي ثمّ إذا كان المقام خَطابيًّا لا استدلاليًّا أفاد ذلك مع التعميم دفعًا للتحكّم, والأوّل كقول البُحْتَرِي في المعتزّ بالله: شَجْوُ حُسَّادِهِ وَغَيْظُ عِدَاهُ أَنْ يَرَى مُبْصِرٌ وَيَسْمَعَ وَاعٍ أي: أن يكون ذو رؤية وذو سمع فيدركَ محاسنَه...............................
(لأن المقدّر كالمذكور) فالسامع كما يفهم تعلّقَ الفعل بالمفعول إذا كان مذكورًا كذلك يفهم تعلّقه به إذا كان مقدّرًا ففي جعله مقدّرًا انتقاض غرض المتكلم وهو إثبات الفعل للفاعل أو نفيه عنه مطلقًا (وهو) أي: الفعل المتعدّي الذي نزّل منزلة الفعل اللازم (ضربان) أي: قسمان (لأنه) أي: الشأن (إمّا أن يُجعَل الفعل) حال كونه (مطلقًا كنايةً عنه) أي: عن ذلك الفعل حال كونه (متعلِّقًا بمفعول مخصوص دلّت عليه) أي: على ذلك المفعول المخصوص (قرينة) وإنما صحّ جعل الشيء كناية عن نفسه لاختلاف الاعتبارين (أو لا) يجعل الفعل كذلك, الضرب (الثاني كقوله تعالى: ﴿ قُلۡ هَلۡ يَسۡتَوِي ٱلَّذِينَ يَعۡلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَۗ﴾) فليس المقصود: الذين يعلمون شيئًا مخصوصًا والذين لا يعلمون ذلك الشيء بل المراد أنه لا يستوي الذين وجد لهم حقيقة العلم والذين لم توجد لهم, ذكر (السكّاكي ثمّ) أي: بعد كون الغرض ثبوتَ أصل الفعل وتنزيلَه منزلة اللازم من غير اعتبارِ كنايةٍ (إذا كان المقام) الذي ورد فيه ذلك الفعل (خَطابيًّا) وهو الذي يكتفى فيه بالكلام الإقناعي الذي يورِث الظنّ كالقضايا المقبولة (لا استدلاليًّا) وهو الذي يطلب فيه اليقين البرهاني (أفاد) ذلك الفعلُ بمعونة المقام (ذلك) أي: ثبوتَ الفعل للفاعل أو نفيه عنه مطلقًا (مع) إفادة (التعميم) في أفراد الفعل (دفعًا) أي: إنما قلنا بإفادة التعميم دفعًا (للتحكّم)؛ لأنّ حمل الفعل على خصوص فرد دون آخر مع وجود حقيقته في جميع أفراده ترجيح بلا مرجِّح (و) الضرب (الأوّل كقول) أبي عبادة (البُحْتَرِي) من شعراء الدولة العباسية (في) مدح (المعتزّ بالله) بن المتوكّل بالله (شَجْوُ حُسَّادِهِ) أي: حزن حسّاد الممدوح (وَغَيْظُ عِدَاهُ) مرادف لما قبله, والمراد بالأعداء والحسّاد المستعين بالله ومن ضاهاه وهو أخو المعتز بالله كان منازِعًا له في الإمامة فالشاعر به يعرّض (أَنْ يَرَى مُبْصِرٌ) خبر عن ½شجو حساده¼ (وَ) أنْ (يَسْمَعَ وَاعٍ) أي: حافظٌ لما يسمع (أي:) حزن حسّاده وغيظ عداه (أن يكون) أي: أن يوجد (ذو رؤية و) يوجد (ذو سمع) وإذا وُجِدا (فيدركَ) المبصر بالبصر (محاسنَه) أي: محاسن الممدوح