عنوان الكتاب: تلخيص المفتاح

كما مرّ، وأمّا تقديمه فلتخصيصه بالمسند إليه نحو: ﴿ لَا فِيهَا غَوۡلٞ﴾ [الصافات:٤٧] أي: بخلاف خمور الدنيا, ولهذا لم يُقدَّم الظرف في ﴿ لَا رَيۡبَۛ فِيهِۛ﴾ [البقرة:٢] لئلاّ يفيد ثبوتَ الريب في سائر كتب الله تعالى أو التنبيه من أوّل الأمر على أنه خبر لا نعت كقوله: لَهُ هِمَمٌ لاَ مُنْتَهَى لِكِبَارِهَا * وَهِمَّتُهُ الصُغْرَى أَجَلُّ مِنَ الدَهْرِ أو التفاؤل أو التشويق إلى ذكر المسند إليه كقوله: ثَلَاثَةٌ تُشْرِقُ الدُنْيَا بِبَهْجَتِهَا * شَمْسُ الضُحَى وَأَبُوْ إِسْحَاقَ وَالْقَمَرُ...........

النِكات المقتضية تأخيرَ المسند هي التي تقتضي تقديمَ المسند إليه (كما مرّ) بيانها في تقديم المسند إليه (وأمّا تقديمه) أي: تقديم المسند على المسند إليه (فـ) هو (لتخصيصه) أي: المسند (بالمسند إليه) الباء داخلة على المقصور نحو ½تميميّ أنا¼ و(نحو) قوله تعالى: (﴿لَا فِيهَا غَوۡلٞ أي:) عدم الغَول مقصور على الكون في خمور الجنة (بخلاف خمور الدنيا) فإنّ فيها غَولاً, والغَول ما يتبع شُربَ الخمر من وجعِ الرأس وثقلِ الأعضاء (ولهذا) أي: ولأجل أنّ تقديم المسند يفيد تخصيصَه بالمسند إليه (لم يُقدَّم الظرف) المسند على المسند إليه (في) قوله تعالى: (﴿لَا رَيۡبَۛ فِيهِۛ) أي: لم يقل ½لا فيه ريب¼ (لئلاّ يفيد) التقديمُ (ثبوتَ الريب في سائر كتب الله تعالى) فإنّ الكلام على تقدير التقديم يدلّ على أنّ عدم الريب مقصور على الكون في القرآن فيفيد ثبوتَ الريب فيما يقابله وهو سائر كتب الله تعالى (أو) لـ(التنبيه) عطف على قوله ½تخصيصه¼ (من أوّل الأمر على أنه) أي: المسند, متعلِّق بـ½التنبيه¼ (خبر لا نعت) فإنه لو كان نعتًا لم يُقدَّم (كقوله) أي: قول حسّان بن ثابت رضي الله تعالى عنه في مدح النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم (لَهُ) أي: لنبيّنا (هِمَمٌ) جمع همّة وهي الإرادة المتعلِّقة بمراد على وجه العزم فإن كان ذلك المراد من معالي الأمور كانت عليّة وإن كان من سفاسفها فهي دنيئة (لاَ مُنْتَهَى) أي: لا آخِر (لِكِبَارِهَا *) أي: لا يحاط بكبارها ولا يحصيها عدد (وَهِمَّتُهُ الصُغْرَى أَجَلُّ) باعتبار متعلَّقاتها (مِنَ الدَهْرِ) الذي كانت العرب تضرب بهممه المثل, فلو قال ½همم له¼ توهّم أنّ ½له¼ نعت لـ½همم¼ وهو خلاف المقصود (أو) لـ(التفاؤل) أي: لسَماع المخاطَب من أوّل وَهْلةٍ ما يسرّه نحو ½ناجح أنت¼ (أو) لـ(التشويق) للسامع (إلى ذكر المسند إليه) وهذا إذا كان في المسند طول بذكر وصف أو أوصاف (كقوله) أي: قول محمّد بن وهيب يمدح المعتصم بالله (ثَلَاثَةٌ) هذا هو المسند المقدّم (تُشْرِقُ الدُنْيَا) أي: تصير مضيئًا (بِبَهْجَتِهَا) أي: بسبب حسن تلك الثلاثة, والمسند إليه المؤخّر هو قوله (شَمْسُ الضُحَى وَأَبُوْ إِسْحَاقَ وَالْقَمَرُ) فتقديم المسند هنا للتشويق إلى ذكر المسند إليه ليكون له وقع في نفس السامع لأنّ الحاصل بعد الطلب أعزّ


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

229