عنوان الكتاب: تلخيص المفتاح

لأنّ المراد بالأوّل البكاء الحقيقيّ، وإمّا لدفع توهّم إرادة غير المراد ابتداءً كقوله: وَكَمْ ذُدْتَ عَنِّيْ مِنْ تَحَامُلِ حَادِثٍ * وَسَوْرَةِ أَيَّامٍ حَزَزْنَ إِلَى الْعَظْمِ إذ لو ذكر اللحم لربما توهّم قبل ذكر ما بعده أنّ الحزّ لم ينته إلى العظم، وإمّا لأنه أريد ذكره ثانيًا على وجهٍ يتضمّن إيقاعَ الفعل على صريح لفظه إظهارًا لكمال العناية بوقوعه عليه كقوله: قَدْ طَلَبْنَا فَلَمْ نَجِدْ لَكَ فِي السُوْ * دَدِ وَالْمَجْدِ وَالْمَكَارِمِ مِثْلا، ويجوز أن يكون السببُ تركَ مُواجَهة الممدوح بطلب مثل له، وإمّا للتعميم

أنّ تعلُّق المشيئة به غريب بل ذكر المفعول فيه لأجل أنّه لا قرينة على الحذف (لأنّ المراد بـ) البكاء (الأوّل) الذي في ½أَنْ أَبْكِيَ¼ هو (البكاء الحقيقيّ) والبكاء الثاني الذي في الجواب أعني ½بَكَيْتُ تَفَكُّرًا¼ هو البكاء التفكّري فلا يصلح الثاني تفسيرًا للأوّل وبيانًا له (وإمّا لدفع) عطف على قوله ½إمّا للبيان¼ أي: حَذْفُ المفعول إمّا للبيان بعد الإبهام وإمّا لدفع (توهّم إرادة غير المراد ابتداءً) متعلِّق بـ½توهّم¼ أي: يحذف المفعول لدفع أن يتوهّم السامع في الابتداء غيرَ مراد المتكلم, وإنما قال ½ابتداءً¼ لأنّ توهّم خلاف المراد ينتفي بعد تمام الكلام (كقوله) أي: قول البحتري في مدح أبي الصقر (وَكَمْ ذُدْتَ عَنِّيْ مِنْ تَحَامُلِ حَادِثٍ *) تمييز لـ½كَمْ¼ الخبريّة, أي: كم دفعتَ عنّي من ظلم الحوادث (وَسَوْرَةِ أَيَّامٍ) أي: شدّتها, عطف على ½تحامل¼ كالتفسير له (حَزَزْنَ) أي: قطعن, والضمير للأيّام أو للسورة (إِلَى الْعَظْمِ) فحذف مفعول ½حززن¼ وهو ½اللحم¼ (إذ لو ذكر اللحم لربما توهّم) السامع ابتداءً أي: (قبل ذكر ما بعده) وهو ½إلى العظم¼ (أنّ الحزّ) أي: القطع (لم ينته إلى العظم) بل إنمّا بلغ في بعض اللحم وهذا غير مراد (وإمّا لأنه) أي: لأنّ المفعول المحذوف أوّلاً (أريد ذكره ثانيًا) مع فعل آخر (على وجهٍ يتضمّن إيقاعَ الفعل على صريح لفظه) أي: لفظ المفعول, وإنما أريد ذكره ثانيًا على الوجه المذكور (إظهارًا لكمال العناية) أي: الاعتناء (بوقوعه) أي: بوقوع الفعل, متعلِّق بالعناية (عليه) أي: على المفعول, متعلِّق بالوقوع (كقوله) أي: قول البحتري في مدح المعتزّ بالله (قَدْ طَلَبْنَا فَلَمْ نَجِدْ لَكَ فِي السُوْ * دَدِ وَالْمَجْدِ وَالْمَكَارِمِ مِثْلا) فحَذَف أوّلاً مفعولَ ½طَلَبْنَا¼ وهو ½مثلاً¼ وذَكَره ثانيًا على وجهٍ يتضمّن إيقاعَ الوجدان المنفيّ على صريح لفظ المثل (ويجوز أن يكون السببُ) أي: سببُ حذف المفعول هنا (تركَ مُواجَهة الممدوح بطلب مثل) متعلِّق بالمواجهة (له) وذلك للمبالغة في تعظيمه (وإمّا للتعميم) في المفعول


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

229