عنوان الكتاب: المحاضرات الإسلامية (الجزء الأول)

حَرْث الآخرة في الدنيا، وأمّا الغافل فلا يَحمِله على العبادات والطّاعات إلاّ مُراءاةُ الناس، ولا يَخْلُو عمَل العاقل من الثواب، فإنّ أكله وشُربه ونَومه واستِيقاظه وحياته ومَماته للآخرة ؛ لأنّه يُريد بها الامتثالَ لأَوامر الله واتِّباع السنَنِ، فمَن كانت حياتُه في الدنيا للآخرة فيكون سعيدًا([1]).

 

[8] عن جابر بن عبد الله أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مَرَّ بالسُّوق داخلاً من بعض العالية والناس كَنَفَيه فمرَّ بِجَديٍ أَسَكَّ ميِّت فتَناوله فأَخذ بأُذُنه ثُمَّ قال: «أيُّكم يُحِبُّ أنّ هذا له بدرهمٍ» فقالوا: ما نُحبُّ أنّه لنا بشيءٍ وما نَصنَع به؟ قال: «أَتُحبّون أنّه لكم» قالوا: واللهِ لو كان حيًّا كان عيبًا فيه لأنَّه أَسَكُّ فكيف وهو ميّتٌ ؟ فقال: «فواللهِ لَلدّنيا أَهوَن على الله من هذا عليكم»([2]). قال الشيخُ أحمد يار خان: لا يُحبُّ أحدٌ أن يَشتَرِي جَديًا ميّتا بدرهمٍ، وما يَصنَع به ؟ لأنّ جِلدَه لا يُنْتفَع به ولحمه حرامٌ فكيف يُمكن شِراؤُه بشيءٍ ؟! قال الأصفياء: لا يَقدِر جميع الْمُرشِدين على أن يَهدوا عبدًا شاغِلاً



 

([1]) "مرآة المناجيح"، ٧/٣.

([2]) أخرجه مسلم في "صحيحه"، كتاب الزهد والرقائق، صـ١٥٨٢، (٢٨٥٧).

 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

269