عنوان الكتاب: المحاضرات الإسلامية (الجزء الأول)

تأخيرٌ فكيف ترْجو وَجهَ الخلاصِ؟ قال: هات الخامسةَ، قال: إذا جاءتك الزَّبانيةُ يومَ القيامة لِيأخُذوك إلى النّار فلا تَذهَبْ معهم، قال: لا يدعُونني ولا يَقبَلون منّي، قال: فكيف ترجو النّجاة إذا؟ قال له: يا إبراهيمُ حَسْبي حسْبي أنا أستغفِر الله وأتوبُ إليه ولزِمه في العبادة حتّى فرَّق الموتُ بينهما([1]).

 

أيّها المسلمون: أرَأيتُم أنّ إبراهيمَ بنَ أدهمَ رحمه الله قال لشابٍّ مُسرِفٍ على نفسِه في العلاج الأوّلِ من الذُّنوب: إذا أَرَدتَ أن تَعصِي الله فلا تأكُل رزقه قال: كيف هذا وهو رَزَّاقٌ؟ قال له: يا هذا أفيَحسُن أن تأكُل رزقَه وتعصيَه؟ ويُمكِن أن نَفْهَم ذلك في هذا المثال الدُّنيَويِّ: إن قَصَّر الأجيرُ في دوام وَظيفَتِه فيَغضَب عليه المستأجِر ويسُبُّه ويضرِبه ويَستخدِمُه زِيادَةً من وظِيفَته حتّى إنّه قد يَستعمِله في يومِ عُطْلَتِه وحالُنا هَذا نحنُ نُسوِّف ونُقصِّر في امتِثال أوامرِ الله وَاجتنابِ ما نهى عنه ونَتغافَل ولا نَحتَرزُ من عُقوقه ثُمّ بعد ذلك نأكُل رزقه ولا نَستحيِي من نَقض العهدِ وقِلَّةِ الوفاءِ بالعقد.

 



 

([1]) ذكره عبد الله بن أحمد (ت ٦٢٠هـ) في "كتاب التوابين"، توبة شاب مسرف على نفسه على يد إبراهيم بن أدهم، صـ٢٨٥.

 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

269