عنوان الكتاب: المحاضرات الإسلامية (الجزء الأول)

بيدِه عند الموت، وكان يَنظُر إليها ويقول: ﴿!$tB 4Óo_øîr& ÓÍh_tã 2÷mu‹Ï9$tB ÇËÑÈ y7n=yd ÓÍh_tã ÷muŠÏZ»sÜù=ߙ [الحاقة: ٦٩/٢٨-٢٩]([1]).

أيّها المسلمون: إنّ الله خَلَقَ الإنسان لِعبادتهِ فمَن أَطاعَه أنالَه أَتَمَّ الجزَاءِ ومَن عَصاهُ عَذَّبه أشَدَّ العذاب ولكن يَغفُلُ الإنسان عن الاستعدادِ لِلنُّقلَةِ من الدّارِ الفانيةِ إلى الدّارِ الباقيةِ وإنّ من أَضَرِّ الأشياءِ على الإنسانِ طولَ الأَمَلِ؛ لأنّه يَحْمِل على الحرصِ على الدنيا وَالتَّشميرِ لِعِمارتِها حتّى يَقطَعَ الإنسانُ لَيله ونهاره بالتّفَكُّرِ في إصلاحها وكيفية السّعيِ لها تارَةً بِباطنه وقلبه وتارةً بظاهره وعمَله، فيَصير قلبه وجسمه مُستغرِقَيْنِ في ذلك، ويَنْسَى الآخرة ويَشتَغِل عنها، ويُسَوِّف في العمَل لها فيكون في أَمر دنياه مُبادِرًا ومُشَمِّرًا، وفي أَمر آخرته مُسَوِّفًا ومُقَصِّرًا ويَعمَل أعمال رجلٍ يَظُنّ أنّه لا يَموتُ، ويَجمَع جمعَ رجلٍ يَرجو الخلُودَ، ولكن هَيْهَاتَ، هيهات! فالموت لا بُدَّ منه، وَالرَّحيل عن هذه الدّنيا مُحْتَمٌّ، وإذا كان الأمرُ كذلك فليسَ الهمّ الدّنيا وليس الْهَمُّ الشَّهاداتُ العَصرِيَّةُ والارتِقاء الدّنيوِيُّ ولا كسبُ



 

([1]) ذكره الغزالي في "إحياء علوم الدين"، كتاب ذكر الموت وما بعده، الباب الخامس في كلام المحتضرين من الخلفاء والأمراء والصالحين، ٥/٢٣١.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

269