عنوان الكتاب: المحاضرات الإسلامية (الجزء الأول)

 

قال حاتمٌ: سَمِعْتُ شقيقَ البلخيَّ يقول: وافَقَني النّاسُ في أربعةِ أشياءَ قولاً، وخالَفوني فيها فعلاً، قالوا: إنّا عبِيدٌ لِربٍّ واحدٍ، وهم يَعمَلون عمَل الأحرار، وقالوا: إنّ الله لأرزاقنا كفيل، ولا تَطْمَئنُّ قلوبُهم إلاّ بالشيءِ، وقالوا: إنّ الآخرةَ خَيرٌ من الأولى، وهم يَجمَعون المال للدّنيا وقالوا: لا بُدَّ من الموت وهم يَعمَلون أعمال قومٍ لا يَموتون([1]).

 

الدعوى الأولى: أنا عبد الله

 

كلُّ مسلِمٍ يُقِرُّ أنّه عبدُ اللهِ، ولا ربَّ له سِواه، ولو فَتَّشنا عن حقيقة العبودِيَّة لَنَصِل من خِلالها إلى حقيقة العبد؛ لأنّ العبدَ مأخُوذٌ من العبوديَّة لَوَجَدنا أنّها كمالُ انقِيادٍ وامتِثالٍ وطاعةٍ لأوامرِ الله عزّ وجلّ، فالعبدُ على هذا هو الْمُنقادُ والْمُمتَثِل والطّائِعُ لأوامر اللهِ عزّ وجلّ، فلا اختيارَ له فيما فَرَض اللهُ عزّ وجلّ ولا رَأيَ يُبدِيه، ولا اقتِراحَ يُقَدِّمه، فهو مَقهورٌ تحتَ سلطانِ الرُّبوبِيَّةِ، ووظيفتُه الامتِثال للأمر. ولكن مع الأَسَفِ الشَّديد لو ألقَينا نَظْرةً على أَحوالنا وعلى أَعمالنا في هذه الأيّامِ



 

([1]) ذكره أبو الفرج عبد الرحمن بن علي المعروف بـ"ابن الجوزي" (ت ٥٩٧هـ) في "عيون الحكايات"، صـ٧٥.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

269