حكم كما حقّقه في الفتح، والجاري لا تقدير فيه للعمق كما دلّت عليه فروع كثيرة، منها: مسألة المطر النازل على سطح فيه نجاسات، فكذا ههنا.
أقول: هب أنّ الكثير ملحق بالجاري في جميع الأحكام لكن الكلام أنّه متى يكون كثيرًا، فلا يمكن الإلحاق قبل إثبات أنّ الكثرة لا تحتاج إلى العمق، ألَا ترى أنّ الجاري لا تقدير فيه بشيء من الطول ولا العرض كما دلّت عليه فروع جمة ذكرناها في رحب الساحة، منها: الماء النازل من الإبريق على يد المستنجي قبل وصوله إليها، ولا يلزم منه عدم التقدير بهما ههنا أيضًا فكذا العمق، والله تعالى أعلم.
وأمّا التزييف ففي الراكد الكثير قولان معتمدان: الأوّل ظاهر الرواية؛ وهو اعتبار عدم الخلوص ظنًّا وتفويضه إلى رأي المبتلى به من دون تقدير بشيء ومعرَّف ذلك التحريك عند أئمّتنا الثلاثة رحمهم الله؛ وهو بالتوضؤ على الأصح، والثاني معتمد عامّة المتأخّرين وعليه الفتوى، وهو التقدير بعشر في عشر، أعني: مساحة مئة على الصحيح، فعدم التقدير الموافق لأصل الإمام رحمه الله تعالى إنّما هو على الرواية الأولى.
أمّا الآن فالكلام على تقدير التقدير، فكيف يلاحظ فيه أصل عدم التقدير كما فعل البحر؟ أم كيف يراعى فيه ظاهر الرواية كما فعل الإمام الفخر؟ ونفس العشر في عشر ليست في ظاهر الرواية.
أقول: والتحقيق عندي أنّ التقدير بعشر في عشر ليس حكمًا منحازًا برأسه، فيحتاج إلى إبداء أصل له كما تجشمه الإمام صدر