جُهده واستطاعته في ذلك ويَستفرغ فيه طاقته ثُمَّ يَرجو بعد ذلك غُفران ربّه ورحمته، ولا يَتمنّى ولا يَغتَرُّ من غير جِدٍّ ولا سَعيٍ ؛ لأنّ انتظارَ الشفاعة بلا سَبَبٍ نَوعٌ من الغُرور وارْتِجَاءُ الرحمة ممّن لا يُطاعُ حُمُقٌ وخِذلانٌ.
قال الشيخ عبد القادر الجيلاني رضي الله عنه في "الغنية": فكم من كَفَنٍ مَغسولٌ وصاحِبه في السُّوق مَشغولٌ وكم من قبرٍ مَحفُورٌ وصاحبه بالسُّرور مَغرورٌ وكم من فمٍ ضاحِكٌ وهو عن قريبٍ هالكٌ وكم من منـزلٍ كمَل بناؤُه وصاحبه قد أَزِفَ يعني: قَرُبَ فَناؤه وكم من عبدٍ يَرجُو الثواب فيَبْدُو له العقاب وكم من عبد يرجو البِشارة فتَبدُو له الخسارةُ وكم من عبد يرجو الجِنان فتبدُو له النِّيران وكم من عبد يرجو الوَصْل فيبدو له الفَصلُ وكم من عبد يرجو العطاء فيبدُو له البلاء وكم من عبد يرجو الْمُلك فيبدو له الْهُلْك[1].
[1] "الغنية لطالبي طريق الحقّ عزّ وجلّ"، القسم الثالث: مجالس في مواعظ القرآن والألفاظ النبوية، ١/٣٤٨.