عنوان الكتاب: المحاضرات الإسلامية (الجزء الثاني)

الكذب وكنت السبب فيه، فهذه الأمثلة وأشباهها من جنس الكلام الذي يتطرق إليه إثم أو ضرر، والكلام فيما لا يعني مذمومٌ؛ لأنّ فيه تركاً لأولى، فصاحبه يضيِّع به وقته، وكان من الأولى أن يصرف هذا الوقت فيما ينفع، ومهما تأدّى مقصوده بكلمة واحدة فذكر كلمتين فالثانية فضول، أي: فضل عن الحاجة، وهو أيضاً مذموم([1]).

فالواجب على المسلم أن يقتصر من الكلام على ما يؤدِّي المقصود وأن يستحيي أيضاً من كلّ نقص يدخل فيه من فضول الدنيا أو من فضول الكلام وأن ينطق بحاجته في معيشته التي لا بدّ له منها، ولكن وللأسف الشديد إنّ كثيراً من الناس يطلقون الكلمات في زماننا هذا ولا يلقون لها بالاً ولا يحاسبون أنفسهم عند قولها أهي خير أم لا، ولا ينظرون في عاقبتها.

أيها المسلمون: الكلمة كالسهم إذا انطلق لا يعود، فعلى باريها وراميها أن يحدّد المقصود والهدف بدقّة، فمن الحكمة أن يراجع الإنسان نفسه عند كلّ كلمة يريد أن يقولها، ولا يكثر الكلام تكلّفاً وخروجاً عن الحقّ، وقد جاء عن سيدنا



([1]) ذكره الغزالي في "إحياء العلوم"، كتاب آفات اللسان، ٣/١٤٠-١٤١.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

259