عنوان الكتاب: المحاضرات الإسلامية (الجزء الثاني)

الأحباب فسيُذيقه الموت غمّ الفِراق، كم من مغرور ذو عزّة وجاه رَغِم أنفُه تحت أيدي الموت, وكم من حاكم ظالم نقَله الموت من الْقُصُوْر الشامخة إلى القبور الْمُظْلِمة, وكم من عَريس في ليلة عُرْسه بدلاً من أن يدخُل إلى غُرْفة العروس أدخَله الموت إلى حُفْرة الدُّود، وكم من شابّ أصابته سِهام الْمَنَايا، فما أنتم فاعلون إذا حلّ بكم الْمَنُون؟ هل تستطيعون له دَرْأً أم منه ستهربون؟ إنّ لكل نفس أجَل، فإذا جاء أجَلُ الناس لا يَسْتأخرون عنه ساعة ولا يَسْتقدمون.

فليَتّق الله الظالمون، وليتدارك الوقت الْمُضيِّعون، وليُبادر إلى التوبة الْمُقصِّرون، قبل هُجوم الموت وكُرُباته، فيا خَسَارة البَطّالين عندها، قال الله عزّ وجلّ في كتابه الكريم: ﴿ûÉiïr(s3sù `ÏiB >ptƒös% $yg»oYõ3n=÷dr& š†Éfur ×pyJÏ9$sß }‘Îgsù îptƒÍr%s{ 4’n?tã $ygÏ©rããã﴾ [الحج: ٢٢/٤٥]. وكان سيّدنا أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه يقول في خُطْبته: أين الوضاة الحسنة وجوههم؟ أين الْمُعْجَبُوْن بشَبابهم؟ أين الْمُلُوْك الذين بَنوا الْمَدائن وحَصَّنوها بالحِيْطان؟ أين الذين كانوا يُعطون الغَلَبة في مَوَاطن الْحَرْب؟ قد تَضَعْضَع بهم الدَّهْر فأصبحوا في ظُلُمات القُبُوْر، الوَحا الوَحا، النجا النجا([1]).

 



([1]) ذكره ابن الجوزي (ت ٥٩٧هـ) في "ذم الهوى"، صـ٤٣٦.

 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

259