أيها المسلمون: فهذا سيّدنا أبو بكر الصدّيق رضي الله تعالى عنه يُوْقِظنا من سنة الغَفْلة ويُنَبِّهنا على ما نحن مُقْبِلون عليه في القبر من الوحشة والظُّلمة، ووالله إنّ في تَغْطية أنفسنا برِداء الغفلة مع علمنا بشدَّة الموت وظُلمة القبر ووحشته وطول الْمُكْث فيه: صَيْرُورة أجسامنا قُوْتاً للحَشَرات وبلاء العِظَام، فلقد كان سيّدنا عثمان رضي الله تعالى عنه إذا وقَف على قَبْر بكَى حتّى يَبُلَّ لحيتَه فقيل له: تُذْكَر الجنّة والنار فلا تَبْكي وتَبْكي من هذا، فقال: إنّ رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلّم قال: «إنّ الْقَبْر أوّلُ منزل من مَنَازل الآخِرة، فإن نَجَا منه فما بعده أيسَرُ منه، وإن لم يَنْجُ منه فما بعده أشدُّ منه»([1]).
انظروا إخواني المسلمين إلى خَشْية سيّدنا عثمان رضي الله تعالى عنه مع كونه من المبشَّرين بالجنّة، وأمّا نحن فلا نعلم ماذا يكون حالُنا وأين يكون مآلنا، ومع ذلك فما نزال نتورَّط في وَحْل الذُّنوب ونكدس الْمَعاصي فرحين مسرورين, تَكالَبت علينا الذنوب، ونحن لاهون غافلون عن نداء القبر.