عنوان الكتاب: المحاضرات الإسلامية (الجزء الثاني)

هذا الحال، ثم تَمْضي حتّى إذا كان بعد سبعة أيّام قالت: يا ربِّ عزّ وجلّ اِئْذَن لي حتّى أنظُر إليه هذه الْمَرّة ما حاله؟ فيقول لها: اِذْهبي فتَأْتيه فتَنْظُر إليه من بعيد فتراه, وقد صار الصديدُ دُوداً، وقد سَقَطت حَدَقَتاه على وجهه، والدُّود يَدْخُل في فيه، ويخرُج من مَنْخَره، فتقول: صِرْتَ إلى هذا الحال بعد النعيم والدلال، تالله ما يَنْفَع الْمَرْء في قَبْره غيرُ التقى والعملِ الصالح([1]).

وعن سيدنا الضَّحَّاك بن مُزاحمٍ رضي الله تعالى عنه قال: أتى النبي الكريم صلّى الله تعالى عليه وسلّم رجل، فقال: يا رسول الله، من أزهَدُ الناس في الدنيا؟ فقال: «من لم يَنْسَ المقابر والبِلَى، وترَك أفضَل زِينَة الدنيا، وآثر ما يبقَى على ما يفنَى، ولم يعدّ غداً من أيّامه، وعَدّ نفسه من الْمَوتى»([2]).

وعن سيّدنا عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه أنّه كان يقول: «إنّكم في مَمَرّ الليل والنَّهَار, في آجال منقوصة، وأعمال مَحْفوظة والموتُ يأتي بَغْتةً، فمن يزرع خيراً يُوْشِك أن يَحْصُد رغبةً، ومن زرَعَ شرّاً فيُوْشِك أن يَحْصُد نَدامةً، ولكلّ زارع مثل الذي زرَع»([3]).

 



([1]) ذكره شعيب الحريفيش (ت ٨١٠هـ) في "الروض الفائق"، صـ٢٨٣.

([2]) ذكره ابن أبي شيبة في "مصنفه"، كتاب الزهد، ٨/١٢٧، (١٧).

([3]) أخرجه أحمد بن حنبل في "الزهد"، صـ١٨٣، (٨٨٩).

 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

259