أي: اللَّهمَّ ثَبِّتْنِي على الصراطِ المستقيمِ حتّى أموت عليه، ولا تجعل النفسَ الأمّارةَ بالسُّوء تُضلُّني عنه، واجْعلني دائمًا وأبدًا على طريق الذين أنعمتَ عليهم بالنِّعم.
أيّها الأحبّة الكرام! لاحظوا أنّ الفاتحةَ أوّلُ سورة في القرآن الكريم مِن حيث الترتيب، وهي مقدِّمةٌ جامعةٌ للقرآن الكريم، وكأنّها أوّلُ درسٍ يدرس الإنسانُ مِن خلالها ضرورةَ التوجّه إلى الله تعالى، وهو أنْ يظلّ العبدُ متوجّهًا إليه دائمًا لتتعزّز علاقته به، ولذلك ينبغي أنْ نقضي كلّ لحظة مِن لحظات حياتنا في التوجّه إلى الله سبحانه وتعالى بأنّه ربُّنا ونحن نحتاجُ إليه وهو يراقبنا دائمًا.
احفظ الله يحفظك
عن سيدنا عبد الله بن عبّاس رضي الله عنهما قال: كُنْتُ خَلْفَ النبيِّ ﷺ يَوْمًا، فقال: «يَا غُلَامُ! احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ»[1].
قال الإمام الملّا علي القاري رحمه الله في شرح قوله ﷺ «احْفَظِ اللهَ»: أَيْ: أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ، «يَحْفَظْكَ» أَيْ: يَحْفَظْكَ فِي الدُّنْيَا مِنَ الْآفَاتِ وَالْمَكْرُوهَاتِ، وَفِي الْعُقْبَى مِنْ أَنْوَاعِ الْعِقَابِ وَالدَّرَكَاتِ جَزَاءً وِفَاقًا، فَإِنَّ مَنْ كَانَ لِلَّهِ كَانَ اللهُ لَه، «احْفَظِ اللهَ» أَيْ: حَقَّهُ مِنْ دَوَامِ ذِكْرِهِ وَتَمَامِ فِكْرِهِ وَقِيَامِ شُكْرِهِ، «تَجِدْهُ تُجَاهَكَ» أَيْ: أَمَامَكَ.