اليوم العالمي للمرأة | أم حيان العطارية


نشرت: يوم الخميس،20-مارس-2025

اليوم العالمي للمرأة

تاريخنا الإسلامي قام على التشريع الإلهي الذي رفع قدر الإنسان مهما كان جنسه، فإذا رجعنا بذاكرتنا لنؤرخ بداية احتفال العالم بـــ "يوم المرأة العالمي" لرأينا أنه في عام 1908 م خرجت بما يقارب خمس عشرة امرأة في إحدى مدينة لتطالب الحكومة آنذاك بتقليل عدد ساعات العمل ورفع الأجور والحقّ في التصويت عند الانتخابات، هذا يعني أنهن حُرمنَ من ذلك كله حتى جعلت لهنَّ الحكومة يومًا تحتفل به النساء لترى أنها مساوية للرجل في كل حقوقه وواجباته.

خرجت المرأة لتنال العدالة في الحقوق والواجبات التي ظلمت فيها وحرمت منها، وهذا قبل قرن تقريبًا فقد كان يسود الغرب الظلم والانتهاكات ضد المرأة، لنرى نحن المسلمات، كيف أن الله تعالى أعطانا حقوقنا كاملة، ووصى بنا أشرف الخلق رسول الله ﷺ عندما قال:

استوصوا بالنساء خيرًا (صحيح مسلم: 1468)،

كفى بنا نعمة أن يوصي أكرم الخلق بنا!!

فمنذ أكثر من ألف وأربعمائة عام ونحن معشر النساء في ظل الإسلام الذي لم يظلم أحدًا أيًّا كان رجلاً أو امرأة أو طفلاً، مسلمًا كان أو غير مسلم.

المرأة عبر التاريخ لم ينصفها إلا الإسلام ولم يُعلِّ شأنها ومكانتها إلا الله تعالى في قوله:

ولهن مثل الذي عليهن [البقرة: 228]

وقول الله تعالى:

إن أكرمكم عند الله أتقاكم [الحجرات: 13]

المرأة المسلمة لا تلتفت إلى هذا اليوم الذي لم ينصف فيه النساء بل ظلمَهن فأوجب عليهن النفقة على أنفسهن عند بلوغ سنٍّ محددة، وأيّ ظلم هذا! فالمرأة تحمل وتولد وتمر بتعب نفسي وجسدي ومع ذلك الغرب يجبرها على العمل ومناصفة النفقات بينها وبين الرجل، في حين أن الإسلام أوجب نفقتها على أبيها إن كانت بنتًا، وإذا مات الأب أوجبت نفقتها على من هو وليها، وعلى زوجها بعد الزواج، وهذا الإكرام لا يريد أعداء الإسلام أن ينظروا إليه؛ لأنه جانب مشرق من الدين العظيم، بل أوقدوا الفتنة في المجتمعات الإسلامية لترى المرأة الشرقية أن هذا مجرد وصاية عليها، وأنها تريد التحرُّر منه.

فالجهل عند البعض والإعلام المؤثر أيضًا جعل من لم يفهم الإسلام بشكل جيد أو يعرف مقاصده، كيف أعلى شأن المرأة، وجعلها تشارك في تفاصيل كل شيء بالمجتمع حتى في السياسة والحرب، ولكن بإرادتها، لم يلزمها بشيء، هذا هو الجمال الحقيقي في الشريعة الإسلامية.

• إذا رجعنا إلى عهد النبي ﷺ وجدنا أم عمارة نسيبة بن كعب رضي الله عنها تحارب وتدافع عن النبي ﷺ والرسول يمدحها لما رأى من شجاعتها آنذاك، فهناك نساء أعظم وأشجع من الرجال ولكن المرأة ليست في حلبة صراع مع الرجل أبدًا، لها ما لها وعليها ماعليها (الاستيعاب: 4/502) (حلیة الأولیاء: 2/77).

• وعندما أقبلت امرأة من الأنصار وهي أسماء الأنصارية رضي الله عنها وقالت لرسول الله ﷺ: بأبي أنت وأمي إني وافدة النساء إليك: إن الله بعثك بالحق إلى الرجال والنساء فآمنا بك وبإلهك الذي أرسلك، إنا معشر النساء محصورات مقصورات قواعد بيوتكم، وإنكم معاشر الرجال فضلتم علينا بالجمعة والجماعات.....

وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله وإن الرجل منكم إذا خرج حاجًّا أو معتمرًا أو مرابطًا حفظنا لكم أموالكم وربّينا لكم أولادكم، أفلا نشارككم في الأجر يا رسول الله!؟

فالتفت النبي ﷺ إلى أصحابه بوجهه كله ثم قال هل سمعتم مقالة امرأة قطّ أحسن من مسألتها في أمر دينها من هذه.

فقالوا يا رسول الله! ما ظننا أن امرأة تهتدي إلى مثل هذا.

فقال لها النبي ﷺ:

انصرفي أيتها المرأة! وأعْلمي من خلفك من النساء أن حسن تبعُّل إحداكن لزوجها وطلبها مرضاته واتباعها موافقته تعدل ذلك كله، فأدبرت المرأة وهي تهلل وتكبر استبشارًا (شعب الإيمان: 11/177، (8369)، ملخصًا).

مدح النبي ﷺ للمرأة سؤالها ولفت انتباه الرجال إلى حسن عقلها، وهذا تعظيم لشأن المرأة في الإسلام وأخبر أن الإسلام لم يلزمها بالجهاد ولم يجبرها بالعمل، لكنه بالمقابل أيضاً لم يمنعها فمن أرادت وكان لديها القدرة الجسدية والفكرية شجّعها وأعطاها حقّها.

• القرآن الكريم مدح الملكة بلقيس الحاكمة لدولة سبأ التي قالت حين جاءها كتاب النبي سليمان عليه السلام:

ماكنت قاطعة أمرا حتى تشهدون [النمل: 32]

مبدأ الشورى التي اعتمدته في مملكتها أثنى عليها القرآن في آيات تتلى إلى آخر الزمان، فلم ينتقدها القرآن ويقلل من شأنها لمجرد أنها امرأة بل أثنى على فكرها فقد أسلمت وصارت تحت حكم سيدنا سليمان عليه السلام، ومدح القرآن لها فيه دلالة تلهم النساء على مر الزمان للمشاركة في الأمور العامة للدولة على حسب علمها وعملها وضمن الشروط والأحكام الشرعية من الحجاب والحشمة والأدب.

* أما في عهد الخلفاء الراشدين فكانت المرأة لها حضور فعّال ففي زمن الخليفة عمر رضي الله عنه وقفت امرأة أثناء خطبته حين أمر بتقليل المهور وقالت له: يا أمير المؤمنين نهيت الناس أن يزيدوا النساء في صدُقاتهن على أربعمائة درهم قال: نعم، فقالت: أما سمعت ما أنزل الله في القرآن قال: وأي ذلك فقالت: أما سمعت الله يقول:

وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئاً [النساء: 20]

فقال عمر رضي الله عنه: اللهم غفرانك، كل الناس أفقه من عمر، ثم رجع فركب المنبر فقال: أيها الناس! إني كنت نهيتكم أن تزيدوا النساء في صدُقاتهن على أربعمائة درهم فمن شاء أن يعطي من ماله ما أحب (مسند الفاروق لابن كثير: 2/573).

قال الإمام ابن كثير بعد ذكر هذه الرواية: هذا حديث جيّد الإسناد.

فهذا سيدنا عمر بن الخطاب القوي الشديد العادل لم يكن يوما ما ضد المرأة، فقد ذكر لنا التاريخ أنه كان يقدّم الشفَّاء القرشية في الرأي ويفضّلها، وولّاها أمر السوق، فقد كان متميزة في عصرها بعقلها وعلمها.

• يوجد كتاب اسمه: "أخبار الوافدات من النساء على معاوية" للعباس الضبي، وهذا الكتيب يبين لنا مشاركة المرأة القوية في السياسة والحروب وبكل تفاصيل الحياة.

• فمن الجهل إن ثار الغرب يومًا وطلب من الحكومات رفع الظلم عن المرأة أن نقلده تقليدًا أعمى، فنحن منذ فجر الإسلام وحقوقنا محفوظة مصانة، والنبي ﷺ عندما دخل على أمّ سلمة رضي الله عنها في صلح الحديبية وأشارت عليه برأيها أخذ به ولم يقلل من شأن هذا الرأي الصائب (مسند أحمد: 18910).

وفي قبول النبي ﷺ لمشورة زوجته أم سلمة تكريمٌ للمرأة التي يزعم أعداء الإسلام أن الإسلام لم يعطها حقّها وتجاهل وجودها.

نعم إن الغرب لم يعط ولن يعطي المرأة حقها كما أعطاها الله عزوجل، لقد جعلها إسلامنا وديننا مَلَكَةً في بيتها وحتى في عملها، ولم يسمح لأحد أن يلمسها إلا محارمها، والغرب لم تعجبهم هذه القيم فأعطوها حقوقًا تسهل الوصول إليها، لا إلى مطالبها وحقوقها، فأضاعت المرأة نفسها وأسرتها وضاع المجتمع؛ لأن الأساس في بناء المجتمعات إنما هي الأسرة، فأبعدوا المرأة عن فكرة تأسيس الأسرة والأولاد، وأَلهوها في البحث عن الوظيفة، والمال، والمتع، واللذة التي يريدونها هم منها، وهكذا ضاعت فكرة الزواج والأولاد وانتشرت المباحات والمثلية في هذه المجتمعات التي سيثبت التاريخ مهما تطورت أنها دمار ووبال وأنهم مهما زيّنوها فهي إلى زوال قريب.

فنحمد الله تعالى على نعمة الإسلام وكفى به من نعمة!! وكفى بها من نعمة!.

تعليقات



رمز الحماية