وهذا الضرب يقتضي تأكيدَ الحكم كما مرّ، وإمّا عن غيرهما نحو: ﴿ قَالُواْ سَلَٰمٗاۖ قَالَ سَلَٰمٞۖ﴾ [هود:٦٩] وقوله: ½زَعَمَ الْعَوَاذِلُ أَنَّنِيْ فِيْ غَمْرَةٍ * صَدَقُوْا وَلَكِنْ غَمْرَتِيْ لاَ تَنْجَلِيْ، وأيضًا منه ما يأتي بإعادةِ اسمِ ما استؤنف عنه نحو: ½أحسنتَ إلى زيد زيدٌ حقيقٌ بالإحسان¼، ومنه ما يُبنَى على صفته نحو: ½صديقُك القديمُ أهْلٌ لذلك¼ وهذا أبلغ, وقد يحذف صدر الاستيناف نحو: ﴿ يُسَبِّحُ لَهُۥ فِيهَا بِٱلۡغُدُوِّ وَٱلۡأٓصَالِ 36 رِجَالٞ﴾ [النور:٣٦]،...................................
(وهذا الضرب) أي: هذا النوع من السؤال وهو السؤال عن السبب الخاصّ (يقتضي تأكيدَ الحكم) الذي في الجملة الجوابية (كما مرّ) في أحوال الإسنادي الخبريّ من أنّ المخاطب إذا كان طالبًا متردِّدًا حسن تقوية الحكم بمؤكِّد (وإمّا) أن يكون ذلك السؤال (عن غيرهما) أي: عن غير السبب المطلق والخاصّ, وذلك الغير شيء آخر له تعلُّق بالجملة الأولى (نحو) قوله تعالى: (﴿قَالُواْ) أي: الملائكة المرسلون لقوم لوط (سَلَٰمٗاۖ) أي: نسلم عليك يا إبراهيم سلامًا (قَالَ سَلَٰمٞۖ﴾) هذا جواب سؤال مقدّر كأنه قيل ½فماذا قال إبراهيم في جواب سلامهم¼ فقيل ½قال سلام¼ (و) نحو (قوله) أي: قول الشاعر (½زَعَمَ) الجماعات (الْعَوَاذِلُ) جمع العاذلة (أَنَّنِيْ فِيْ غَمْرَةٍ *) أي: شدّة (صَدَقُوْا) هذا جواب سؤال مقدّر كأنه قيل ½أصدقوا أم كذبوا¼ فقال صدقوا واللهِ (وَلَكِنْ غَمْرَتِيْ لاَ تَنْجَلِيْ) أي: لا تنكشف كما تنكشف أكثر الغمرات (و) نعود (أيضًا) إلى تقسيم آخر للاستئناف فـ(منه) أي: من الاستئناف بمعنى الجملة الثانية (ما) أي: استئناف (يأتي بإعادةِ) أي: مع إعادةِ (اسمِ ما استؤنف) الحديثُ (عنه) أي: لأجله (نحو) قولك لمن أحسن إلى زيد: (½أحسنتَ إلى زيد زيدٌ حقيقٌ بالإحسان¼) فقولك ½أحسنتَ إلى زيد¼ يستشعر منه سؤال من المخاطب أي: ½هل زيد حقيق بالإحسان¼ فقلتَ ½زيد حقيق بالإحسان¼ مع إعادةِ اسمِ ما استؤنف عنه وهو زيد (ومنه) أي: ومن الاستئناف بمعنى الجملة الثانية (ما) أي: استئناف (يُبنَى على صفته) أي: يُذكَر فيه صفةُ ما استؤنف عنه لا اسمُه (نحو) قولك لمن أحسن إلى زيد: ½أحسنتَ إلى زيد (صديقُك القديمُ أهْلٌ لذلك¼) أي: للإحسان, كأنه قيل ½هل زيد حقيق بالإحسان¼ فقلتَ ½صديقك القديم أهل لذلك¼ مع ذكر صفة ما استؤنف عنه وهي كونه صديقًا قديمًا للمخاطَب (وهذا) القسم أي: الاستئناف المبنيّ على الصفة (أبلغ) من القسم الأوّل أي: الاستئناف المبنيّ على الاسم؛ لأنّ الصفة هي العلّة للحكم ففي هذا حكم مع علّته بخلاف الأوّل (وقد يحذف صدر الاستيناف) أي: صدر الجملة المستأنفة لقيام قرينة (نحو) قوله تعالى:(﴿يُسَبِّحُ لَهُۥ فِيهَا بِٱلۡغُدُوِّ وَٱلۡأٓصَالِ 36 رِجَالٞ﴾) فيمن قرأ ½يُسَبَّحُ¼ مبنيًّا للمفعول, كأنه قيل ½مَنْ يُسَبِّحُهُ¼