والبسطِ الموصوف ردٌّ إلى الجهالة, والأقرب أن يقال: المقبولُ من طرق التعبير عن المراد تأديةُ أصله بلفظٍ مساوٍ له أو ناقصٍ عنه وافٍ أو زائدٍ عليه لفائدة, واحترز بـ½وافٍ¼ عن الإخلال كقوله: وَالْعَيْشُ خَيْرٌ فِيْ ظِلاَ * لِ النُوْكِ مِن مَنْ عَاشَ كِدًّا, أي: النَاعِمُ وفِيْ ظِلاَلِ الْعَقْلِ, وبـ½فائدة¼ عن التطويل نحو: ½وَأَلْفَى قَوْلَهَا كَذِبًا وَمَيْنًا¼ وعن الحشو المُفسِدِ كـ½الندى¼ في قوله: وَلاَ فَضْلَ فِيْهَا لِلشَجَاعَةِ وَالنَدَى * وَصَبْرِ الْفَتَى لَوْلاَ لِقَاءُ شَعُوْبٍ
(و) البناءُ على (البسطِ الموصوف) بأن يقال الإيجاز كون الكلام أقلّ ممّا يقتضيه المقام والإطناب كونه أكثر منه كما ذكره السكّاكيّ ثانيًا (ردٌّ إلى الجهالة) أي: إحالةٌ على أمر مجهول؛ لأنّ كميّة المتعارَف وكذا مقدار البسط الذي يقتضيه كلّ مقام غير معلوم مع أنّ المطلوب من التعريف الإخراج عن الجهالة (والأقرب) إلى الفهم (أن يقال) في ضبط الإيجاز والإطناب (المقبولُ من طرق التعبير عن المراد) هو (تأديةُ أصله) أي: أصل المراد (بلفظٍ مساوٍ له) أي: لأصل المراد (أو) بلفظٍ (ناقصٍ عنه) أي: عن أصل المراد (وافٍ) به (أو) بلفظٍ (زائدٍ عليه) أي: على أصل المراد (لفائدة) فالأوّل مساواة والثاني إيجاز والثالث إطناب (واحترز بـ) قوله (½وافٍ¼) في تعريف الإيجاز (عن الإخلال) لأنه تأدية المراد بلفظ ناقص عنه غيرِ وافٍ به فإنه مردود (كقوله) أي: قول الحرث بن حِلِّزَة اليشكريّ (وَالْعَيْشُ خَيْرٌ فِيْ ظِلاَ * لِ النُوْكِ) أي: مع الحماقة (مِن) عَيشِ (مَنْ عَاشَ كِدًّا) أي: مكدودًا, وقوله ½اَلْعَيْشُ¼ على حذف الصفة (أي:) الْعَيْشُ (النَاعِمُ) اللذيذ (و) قوله ½عَاشَ¼ يتعلَّق به جارّ ومجرور محذوف أي: عَاشَ (فِيْ ظِلاَلِ الْعَقْلِ) فأصل المراد أنّ العيش الناعم في ظلال النوك خير من العيش الضيق في ظلال العقل, وهذا المعنى لا يفي به لفظه فهو مخلّ مردود (و) احترز (بـ) قوله (½فائدة¼) في تعريف الإطناب (عن التطويل) لأنه تأدية المراد بلفظ زائد عليه لا لفائدة ولم يكن الزائد متعيّنًا فإنه مردود (نحو) قول عدي بن زيد العبادي في قصّة قتل الزبّاء جذيمةَ الأبرش (وَأَلْفَى) أي: وَجَد جذيمةُ (قَوْلَهَا) أي: قولَ الزبّاء (كَذِبًا وَمَيْنًا) وهما بمعنًى فزيادةُ أحدهما تطويل إذ لا فائدة له, والتأكيد لا يقتضيه المقام (و) احترز أيضًا بقوله ½لفائدة¼ (عن الحشو) لأنه تأدية المراد بلفظ زائد عليه لا لفائدة وكان الزائد متعيّنًا (المُفسِدِ) للمعنى (كـ) لفظ (½الندى¼ في قوله) أي: قول المتنبّي (وَلاَ فَضْلَ فِيْهَا) أي: في الدنيا (لِلشَجَاعَةِ وَالنَدَى * وَصَبْرِ الْفَتَى لَوْلاَ لِقَاءُ شَعُوْبٍ) أي: فضل الشَجاعة والكرم والصبر لوجود الموت ولولاه لم يكن لها فضل, وإنما هذا ظاهر في الشَجاعة والصبر لتيقّن الشُجاع بعدَم الهلاك وتيقّن الصابر بزوال الشدّة, بخلاف النَدى