فإنّ الباذل ماله إذا تيقّن بعدَم الهلاك وباحتياجه إلى المال فإنّ بذله ح أفضل ممّا إذا تيقّن بالموت, فزيادة ½النَدَى¼ حشو مفسِد للمعنى (و) عن الحشو (غير المفسد) للمعنى (كقوله) أي: قول زهير (وَأَعْلَمُ عِلْمَ الْيَوْمِ وَالْأَمْسِ قَبْلَهُ) فقوله ½قَبْلَهُ¼ حشو غير مفسد لأنّ ½الْأَمْسِ¼ يدلّ على القبليّة لليوم ولا يبطل به المعنى, ثمّ شرع في الأقسام الثلاثة فقال (المساواة) وهي كما مرّ تأدية أصل المراد بلفظٍ مساوٍ له (نحو) قوله تعالى: (﴿وَلَا يَحِيقُ) أي: لا ينزل (ٱلۡمَكۡرُ ٱلسَّيِّئُ) وهو من الله تعالى أن يفعل بالعبد ما يهلكه (إِلَّا بِأَهۡلِهِۦۚ﴾) أي: بمستحِقّيه بعصيانه وكفره, فهذا الكلام مساواة وبليغ لأداء المعنى بلفظٍ مساوٍ له مع اقتضاء المقام إيّاه لأنه لا مقتضي للعدول عنه إلى الإيجاز والإطناب (و) نحو (قوله) أي: قول النابغة الذُبْيانيّ في مدح النعمانِ بن المنذر ملِكِ الحيرة حين غضب عليه (فَإِنَّكَ كَاللَيْلِ الَذِيْ هُوَ مُدْرِكِيْ * وَإِنْ خِلْتُ) أي: ظننتُ (أَنَّ الْمُنْتَأَى) أي: موضع البعد (عَنْكَ وَاسِعٌ) شبّه الشاعرُ ممدوحَه بالليل في عموم الأماكن وبلوغه كلَّ موطِنٍ في أسرع لحظة يعني لا يفرّ منه مطروده ولو بعُد في المسافة لأنّ له أعوانًا في كلّ محلّ قرب أو بعد يأتون به إليه, وهذا الكلام أيضًا مساواة (والإيجاز) قد ينظر فيه إلى كثرة معناه بدلالة الالتزام أو التضمّن من غير حذف, وقد ينظر فيه من جهة أنّ في التركيب حذفًا فهو (ضربان) الضرب الأوّل (إيجاز القصر وهو ما) أي: الكلام الذي (ليس) متلبّسًا (بحذفٍ) ولكنْ فيه معانٍ كثيرةٌ (نحو) قوله تعالى: (﴿وَلَكُمۡ فِي ٱلۡقِصَاصِ حَيَوٰةٞ) يَٰٓأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ ﴾ فهذا إيجاز القصر (فإنّ) أي: لأنّ (معناه كثير ولفظه يسير) سيجيء بيانه (ولا حذف فيه) هذا من تمام العلّة وبيانٌ لتطبيق المثال على القاعدة الكليّة (وفضله) أي: رجحان قوله تعالى: ½ولكم في القصاص حياة¼ (على ما) أي: على الكلام الذي (كان عندهم) أي: عند العرب (أوجزَ كلامٍ في هذا المعنى وهو) أي: ذلك الكلام الأوجز قولهم (½القتل) قصاصًا (أنفى) أي: أكثر نفيًا (للقتل¼) ظلمًا من تركه (بقلّة حروفِ ما يناظِره) أي: بقلّة حروف اللفظ الذي يقابل قولَهم المذكورَ (منه) أي: من جملة قوله تعالى: ﴿ وَلَكُمۡ فِي ٱلۡقِصَاصِ حَيَوٰةٞ يَٰٓأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ ﴾ وما يناظره منه هو قوله تعالى: ﴿ فِي ٱلۡقِصَاصِ حَيَوٰةٞ﴾, فإنّ