للتأكيد, وهو ضربان ضرب لم يُخرَج مخرج المثَل نحو: ﴿ ذَٰلِكَ جَزَيۡنَٰهُم بِمَا كَفَرُواْۖ وَهَلۡ نُجَٰزِيٓ إِلَّا ٱلۡكَفُورَ ﴾ [سبأ:١٧] على وجهٍ, وضرب أُخرِج مخرج المثَل نحو: ﴿ وَقُلۡ جَآءَ ٱلۡحَقُّ وَزَهَقَ
ٱلۡبَٰطِلُۚ إِنَّ ٱلۡبَٰطِلَ كَانَ زَهُوقٗا ﴾ [بني اسرائيل:٨١], وهو أيضًا إمّا لتأكيدِ منطوقٍ كهذه الآية, وإمّا لتأكيدِ مفهومٍ كقوله: وَلَسْتَ بِمُسْتَبْقٍ أَخًا لاَ تَلُمُّهُ * عَلَى شَعْثٍ أَيُّ الرِجَالِ الْمُهَذَّبُ, وإمّا بالتكميل ويسمّى ½الاحتراسَ¼ أيضًا وهو أن يُؤتَى في كلام يُوهِم خلافَ المقصود بما يدفعه كقوله: فَسَقَى دِيَارَكَ غَيْرَ مُفْسِدِهَا *
(للتأكيد) أي: لتقوية معنى الجملة الأولى (وهو) أي: التذييل (ضربان) أحدهما (ضرب لم يُخرَج مخرج المثل) وذلك إذا لم يكن مستقلاًّ بإفادة المراد بل كان متوقّفًا على ما قبله (نحو) قوله تعالى: (﴿ذَٰلِكَ جَزَيۡنَٰهُم بِمَا كَفَرُواْۖ وَهَلۡ نُجَٰزِيٓ إِلَّا ٱلۡكَفُورَ ﴾) وإنما يكون هذا المثال من الضرب الأوّل (على وجهٍ) أي: على أن يكون المراد بجملة ½هل نجازي¼ الجزاءَ المذكورَ فيما قبل من إرسال السيل وتبديل جنتيهم, فتكون متعلِّقةً بما قبلها غيرَ جارية مجرى المثل في الاستقلال (و) ثانيهما (ضرب أُخرِج مخرج المثل) بأن كان مستقلاًّ بإفادة المراد غيرَ متوقّف على ما قبله (نحو) قوله تعالى: (﴿وَقُلۡ جَآءَ ٱلۡحَقُّ وَزَهَقَ
ٱلۡبَٰطِلُۚ إِنَّ ٱلۡبَٰطِلَ كَانَ زَهُوقٗا ﴾) فجملة ½إنّ الباطل كان زهوقًا¼ لا تتوقّف على ما قبلها مع تضمنّها معنى الأولى وهو زهوق الباطل (وهو) أي: التذييل مطلقًا ينقسم (أيضًا) قسمة أخرى وهي أنّ التذييل (إمّا) أن يكون (لتأكيدِ منطوقٍ كـ) التذييل في (هذه الآية) فإنّ قوله: ﴿ إِنَّ ٱلۡبَٰطِلَ كَانَ زَهُوقٗا ﴾ يؤكِّد زهوقَ الباطل وهو منطوق قوله ½وزهق الباطل¼ (وإمّا) أن يكون (لتأكيدِ مفهومٍ كـ) التذييل في (قوله) أي: قول النابغة الذبياني يُخاطِب النعمان بن المنذر (وَلَسْتَ بِمُسْتَبْقٍ) أي: لستَ تُبقِي (أَخًا) حال كونك (لاَ تَلُمُّهُ *) من ½لمّ الشيء¼ جمع بعضه إلى بعض (عَلَى شَعْثٍ) أي: مع أوصافه الذميمة, يعني أنك إذا لم تضمّ أخًا إليك مع شعثه لم يَبْقَ لك أخٌ في الدنيا ومفهومه أنه ليس في الرجال أحد مهذّب منقّح الفعال فأكَّد هذا المفهومَ بقوله (أَيُّ الرِجَالِ الْمُهَذَّبُ) أي: ليس في الرجال مهذَّب؛ إذ الاستفهام للإنكار (وإمّا بالتكميل) عطف على ½بالإيضاح¼ (ويسمّى) هذا النوع من الإطناب (الاحتراسَ أيضًا) كما يسمّى التكميلَ (وهو) أي: التكميل أو الاحتراس (أن يُؤتَى في كلام) أي: مع كلام (يُوهِم) ذلك الكلامُ (خلافَ المقصود بما يدفعه) أي: بشيء يدفع إيهامَ خلاف المقصود (كقوله) أي: قول طرفة بن العبد (فَسَقَى دِيَارَكَ) مفعول ½سَقَى¼ (غَيْرَ مُفْسِدِهَا *) حال من فاعل ½سَقَى¼ وهو