صَوْبُ الرَبِيْعِ وَدِيْمَةٌ تَهْمِيْ, ونحو: ﴿ أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ ﴾ [المائدة:٥٤], وإمّا بالتتميم وهو أن يُؤتَى في كلام لاَ يُوهِم خلافَ المقصود بفضلة لنكتة كالمبالغة نحو: ﴿ وَيُطۡعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ ﴾ [الدهر:٨], في وجهٍ أي: مع حبّه, وإمّا بالاعتراض وهو أن يؤتى في أثناء كلام أو بين كلامين متّصلين معنًى بجملة أو أكثرَ لا محلّ لها من الإعراب لنكتةٍ سوى دفع الإيهام كالتنزيهِ في قوله تعالى: ﴿ وَيَجۡعَلُونَ لِلَّهِ ٱلۡبَنَٰتِ سُبۡحَٰنَهُۥ وَلَهُم مَّا يَشۡتَهُونَ ﴾, [النحل:٥٧] والدعاءِ في قوله: إِنَّ الثَمَانِيْنَ وَبُلِّغْتَهَا * قَدْ أَحْوَجَتْ سَمْعِيْ إِلَى تَرْجُمَانِ.......
(صَوْبُ الرَبِيْعِ) أي: المطر النازل في الربيع (وَدِيْمَةٌ) أي: المطر المسترسل (تَهْمِيْ) أي: تسيل, لمّا كان المطر قد يؤدّي إلى الفساد بدوامه زاد قوله ½غَيْرَ مُفْسِدِهَا¼ لئلاّ يتوهّم أنه دعاء على المخاطَب (ونحو) قوله تعالى في مدح فريق من المؤمنين وهم قوم أبي موسى الأشعريّ: ﴿ فَسَوۡفَ يَأۡتِي ٱللَّهُ بِقَوۡمٖ يُحِبُّهُمۡ وَيُحِبُّونَهُۥٓ (أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ ﴾) لمّا كان ظاهر قوله ½أذلة¼ يوهِم أنه لضعفهم دَفَعَه قولُه ½أعزّة¼ أي: أقوياء, فتذلّلهم للمؤمنين ليس لضعفهم بل تواضعًا منهم لهم (وإمّا بالتتميم) عطف على ½بالإيضاح¼ (وهو) أي: التتميم (أن يُؤتَى في كلام) أي: مع كلام (لاَ يُوهِم) ذلك الكلام (خلافَ المقصود بفضلة) كالمفعول والحال والمجرور والتمييز والتوابع ونحوها ممّا لم يكن جملةً مستقلّة ولا أحدَ المسندين (لنكتة) هذا زيادةُ بيان؛ لأنّ النكتة شرط في كلّ ما حصل به الإطناب وإلاّ كان تطويلاً (كالمبالغة) في المدح المسوق له الكلام (نحو) قوله تعالى في مدح الأبرار بإطعام الطعام: (﴿وَيُطۡعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ ﴾) فقوله ½على حبّه¼ تتميم (في وجهٍ) وهو أن يكون ضميره عائدًا على الطعام (أي: مع حبّه) أي: يطعمون الطعام مع حبِّهم إيّاه واحتياجِهم إليه, وأمّا في وجهٍ آخر وهو أن يكون الضمير عائدًا إلى الله فهو لتأدية أصل المراد وهو مدحهم بالسخاء والكرم لأنّ الإنسان لا يمدح شرعًا إلاّ على فعل لأجل الله تعالى (وإمّا بالاعتراض) عطف على ½بالإيضاح¼ (وهو) أي: الاعتراض (أن يؤتى في أثناء كلام أو) يؤتى (بين كلامين متّصلين معنًى) بأن كان الثاني بيانًا للأوّل أو تأكيدًا له أو بدلاً منه أو معطوفًا عليه (بجملة) متعلِّق بـ½يؤتى¼ (أو) بـ(أكثرَ) من جملة (لا محلّ لها) أي: لتلك الجملة (من الإعراب لنكتةٍ سوى دفع الإيهام كالتنزيه) لله تعالى (في قوله تعالى: ﴿ وَيَجۡعَلُونَ لِلَّهِ ٱلۡبَنَٰتِ سُبۡحَٰنَهُۥ وَلَهُم مَّا يَشۡتَهُونَ ﴾) فقوله تعالى ½سبحانه¼ اعتراض للتنزيه في أثناء الكلام لأنّ ½لَهُمْ¼ عطف على ½لله¼ و½ما يشتهون¼ عطف على ½البنات¼ (و) كـ(الدعاء في قوله) قول عوف بن محلم الشيباني يشكو ضعفه: (إِنَّ الثَمَانِيْنَ) التي مضت من عمري (وَبُلِّغْتَهَا *) أي: وبلّغك الله إيّاها (قَدْ أَحْوَجَتْ سَمْعِيْ إِلَى تَرْجُمَانِ) وهو من يفسِّر لغة بلغة أخرى والمراد هنا مكرِّر الصوت الأوّل بصوت