عنوان الكتاب: تلخيص المفتاح

وَيُؤۡمِنُونَ بِهِۦ ﴾ [غافر:٧] فإنه لو اخْتُصِرَ لم يُذكَر ½ويؤمنون به¼ لأنّ إيمانهم لا ينكره من يُثبِتهم وحسَّن ذِكْرَه إظهارُ شرف الإيمان ترغيبًا فيه, واعلم أنه قد يوصف الكلام بالإيجاز والإطناب بـاعتبار كثرةِ حروفه وقلّتِها بالنسبة إلى كلامٍ آخر مساوٍ له في أصل المعنى كقولِه: ½يَصُدُّ عَنِ الدُنْيَا إِذَا عَنَّ سُوْدَدٌ¼ وقولِه: وَلَسْتُ بِنَظَّارٍ إِلَى جَانِبِ الْغِنَى * إِذَا كَانَتِ الْعَلْيَاءُ فِيْ جَانِبِ الْفَقْرِ, ويقرب منه قولُه تعالى: ﴿ لَا يُسۡ‍َٔلُ عَمَّا يَفۡعَلُ وَهُمۡ يُسۡ‍َٔلُونَ ﴾ [الأنبياء:٢٣], وقولُ الحَماسـيّ: وَنُـنْـكِرُ إِنْ شِئْـنَا عَلَى الـنَاسِ قَوْلَهُمْ * وَلاَ يُـنْـكِرُوْنَ الْقَوْلَ حِيْنَ نَـقُوْلُ

(وَيُؤۡمِنُونَ بِهِۦ) أي: بربهم (فإنه) أي: فإنّ الشأن أنه (لو اختصر) أي: لو وقع المساواة هنا (لم يُذكر ½ويؤمنون به¼) فزيادته إطناب (لأنّ إيمانهم) معلوم (لا ينكره من يُثبِتهم) فلا حاجة إلى الإخبار بإيمانهم (و) لكنْ (حسَّن ذِكْرَه) أي: ذِكْرَ قولِه ½ويؤمنون به¼ (إظهارُ شرف الإيمان) لأنه سِيق مساق المدح فأتي به لأجل إظهار شرف الإيمان وهذا كما يوصف الأنبياء بالصلاح لقصد المدح به مع العلم بصلاحهم (ترغيبًا فيه) حيث مدح به الملائكة الحاملون للعرش ومن حوله (واعلم أنه) أي: الشأن (قد يوصف الكلام) في اصطلاح القوم (بالإيجاز والإطناب) أي: بالمشتقّ منهما (بـاعتبار كثرةِ حروفه) أي: حروف الكلام (وقلّتِها) أي: قلّة الحروف (بالنسبة إلى كلامٍ آخر مساوٍ له) أي: لذلك الكلام الأكثر أو الأقلّ حروفًا (في أصل المعنى) فيقال للأكثر حروفًا إنه كلام مُطنَب وللأقلّ حروفًا إنه كلام مُوجَز (كقوله) أي: قول أبي تمّام (½يَصُدُّ) أي: يعرض (عَنِ الدُنْيَا) التي فيها الراحة والنعمة بالغنى (إِذَا عَنَّ) أي: ظهر له (سُوْدَدٌ) أي: سيادة ورفعة في غير تلك الدنيا (و) كـ(قوله) أي: قول المعذل بن غيلان (وَلَسْتُ بِنَظَّارٍ) مبالغة في ناظر (إِلَى جَانِبِ الْغِنَى *) أي: إلى المال والراحة والنعمة (إِذَا كَانَتِ الْعَلْيَاءُ) أي: العزّ والرفعة (فِيْ جَانِبِ الْفَقْرِ) أي: في عدم المال والتعب والمشقّة, فالبيت والشطر مساويان في أصل المعنى والشطر موجَز لقلّة حروفه بالنسبة إلى البيت والبيت مطنَب لكثرة حروفه بالنسبة إلى الشطر (ويقرب منه) أي: من قبيل الإيجاز والإطناب باعتبار قلّة الحروف وكثرتها (قولُه تعالى: ﴿ لَا يُسۡ‍َٔلُ عَمَّا يَفۡعَلُ وَهُمۡ يُسۡ‍َٔلُونَ) أي: لا يسئل عن فعلِه وحكمِه سؤالَ إنكار وهم يسئلون عن فعلهم من جانب الله تعالى سؤالَ إنكار (وقول) الشاعر (الحَماسيّ) وهو هنا السَّمَوْأَل بن عاديا (وَنُنْكِرُ إِنْ شِئْنَا عَلَى النَاسِ قَوْلَهُمْ * وَلاَ يُنْكِرُوْنَ الْقَوْلَ حِيْنَ نَقُوْلُ) فالآية وجيزة بلا ريب.


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

229